من هيئة حكم انتقالي إلى لجنة دستورية.. تعرف على مبادرات الحل في سوريا والخيارات المستقبلية
تعرف على مراحل الحل السياسي في سوريا والخيارات المستقبلة
منتصر أبو نبوت–سوريا
عبر الربيع العربي إلى سوريا بعد أن جرف حكم كل من الرئيسين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك، ووصل إلى نظيريهما الليبي معمر القذافي واليمني علي عبد الله صالح.
ومنذ اللحظة الأولى التي صرخ فيها أهالي درعا بأول شعارين في البلاد منذ عقود طويلة لحكم عائلة الأسد “الله، سوريا، حرية وبس” و”الموت ولا المذلة” جاء الرد من قوى الأمن السوري برصاص كثيف أراق أول الدماء في 18 مارس/آذار 2011.
وبدأت بعد هذا التاريخ محاولات الحل والتهدئة من خلال دول إقليمية وعربية للقيام بإصلاحات سياسية حقيقية في سوريا، قبل أن تفشل المحاولات وتدخل البلاد في سباق طويل لمسار الحل السياسي في البلاد بعدها.
وتدخلت الجامعة العربية من أجل إيجاد حل سياسي مناسب في سوريا بمبادرة حملها الأمين العام للجامعة آنذاك نبيل العربي إلى دمشق نصت على خطة انتقال إلى حكم ديمقراطي، قبل أن يرفضها النظام السوري في 10 سبتمبر/أيلول 2011، وحاولت الجامعة بمبادة ثانية في يناير/كانون الثاني 2012 تضمنت تسليم الأسد صلاحياته إلى نائبه فاروق الشرع.
وشهد الملف السوري تدويلا عالميا للمرة الأولى بعد بيان جنيف في يونيو/حزيران 2012 نص على تأسيس هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، وبقي هذا البيان الأساس في أي حل سياسي للأوضاع في سوريا.
وقد تم تدعيم البيان في ديسمبر/كانون الأول 2015 بالقرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الذي نص على أربع سلال للحل السياسي في سوريا يبدأ بكتابة دستور جديد للبلاد تنتج عنه هيئة حكم انتقالي وانتخابات برعاية أممية، بالإضافة إلى إجراءات بناء الثقة التي يتم العمل عليها خلال المراحل السابقة.
لكن النظام السوري ضغط من أجل جعل محاربة الإرهاب هي الأولوية ضمن أي حديث عن حل سياسي، قبل أن تتمكن موسكو لاحقا من إقحام مسار جديد للحل السياسي في البلاد وهو أستانا الذي انطلاق بداية 2017 وغير مسار المفاوضات من حل شامل في سوريا إلى وقف إطلاق نار وتقسيم مناطق سيطرة المعارضة إلى خفض تصعيد.
وانتهى بعد جولات طويلة من المفاوضات بدخول النظام إلى أغلب المناطق، والإعلان أخيرا عن لجنة دستورية احتفى بها النظام السوري كأنها المطلب الذي كان منذ البداية، فصار الحديث يتراوح بين كتابة دستور جديد للبلاد وبين تعديل الدستور الحالي.
وسائل ضغط
وشكل تراجع المعارضة السورية على الأرض وتقدم النظام إلى مناطقها أزمة حقيقة أثرت بشكل مباشر على المسار السياسي، فقد كانت تعتمد في مفاوضاتها مع النظام السوري على سيطرتها الواسعة لمناطق من الأراضي السورية.
أما اليوم وبعد انحسارها في رقعة جغرافية ضيقة فإنها خسرت من وسائل الضغط التي يمكن أن تدفع بالعملية السياسية السورية التي دخلت عامها التاسع.
وفي حوار مع الجزيرة نت قال المتحدث باسم هيئة التفاوض السورية المعارضة يحيى العريضي إن أدوات الضغط لدى المعارضة لا تزال موجودة، وعلى رأسها ملفات القتل الذي مارسه النظام السوري ضد الشعب طوال سنوات الثورة.
وأضاف العريضي أن ملف المعتقلين إحدى أهم وسائل الضغط على النظام والذي تسبب بعقوبات اقتصادية وحصار خانق سيكون آخرها قانون قيصر الذي يدخل حيز التنفيذ خلال أقل من ثلاثة أشهر.
القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن نص على أربع سلال للحل السياسي في سوريا (رويترز-أرشيف)
القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن نص على أربع سلال للحل السياسي في سوريا (رويترز-أرشيف)
في المقابل، استبعد الكاتب والمحلل السياسي السوري عمر كوش خلال حديثه مع الجزيرة نت أن تكون هناك وسائل ضغط على النظام ولا حتى حل سياسي قريب أو متوسط المدى.
وأكد كوش أنه لا توجد دولة تسعى إلى إيجاد حل سياسي حقيقي وعادل ينصف الشعب السوري، خصوصا أن النظام السوري استخدم في مناسبات كثيرة ما يمكن أن يودي به إلى التهلكة، في إشارة منه إلى السلاح الكيميائي الذي قتل آلاف المدنيين دون أن يجد الموضوع أي تحرك جدي من الولايات المتحدة ولا دول أوروبا.
آفاق الحل
وقد جعل عدم وجود آلية تلزم النظام السوري وحلفاءه بتطبيق القرارات الأممية الباب مفتوحا على مصراعيه لكل الاحتمالات، فقد تحول الحديث عن الحل السياسي في سوريا من هيئة حكم انتقالي لا مكان للأسد فيها إلى مقارعة المعارضة والنظام بعضهما البعض على اللجنة الدستورية التي شكلت مؤخرا.
وفي السياق، أكد العريضي أن اللجنة الدستورية ليست المخرج أو الحل السياسي في البلاد كما يروج النظام السوري، بل هي خطوة ضمن مجموعة خطوات ينص عليها القرار 2254.
وشدد على أن المعارضة لديها آفاق للحل السياسي، من بينها البقاء على تحالف مع تركيا على الصعيد السياسي، لأن أنقرة أكثر الجهات الملتزمة بحل سياسي بدون الأسد.
وبشأن الموضوع ذاته والمتعلق بآفاق الحل، قال المحلل السياسي الروسي يفغيني سيدروف إن سوريا لن يكون فيها حل سياسي يرضي جميع الأطراف، لكن يمكن إيجاد حل وسط يتمثل على سبيل المثال بتقاسم المناصب الوزارية في الحكومة التي قد تشكل بعد انتخابات رئاسية تشريعية استنادا إلى الدستور الجديد.
وأشار إلى أن صاحب قرار مستقبل سوريا هو الشعب السوري الذي سينتخب رئيسا جديدا للبلاد، مع ضرورة عدم وجود أي تدخلات خارجية لا سياسية ولا إعلامية بحضور مراقبين دوليين لتفادي حدوث أي تزوير.
أما عمر كوش فقد شكك بوجود أحد بين السوريين بعد تسع سنوات يقتنع بأن هناك حلا سياسيا أو عسكريا للإطاحة بالنظام السوري في ظل وجود دعم عسكري روسي وإيراني مقابل تخل شبه تام عن الشعب السوري وثورته.
المصدر : الجزيرة