لا يمكن أن نتوقع أن السوريين الذين وصلوا خلال العقد الأخير إلى أوروبا في أكبر موجة هجرة قسرية عرفها البلد، يعيشون اليوم ظروفا حياتية ونفسية عادية بكل تفاصيلها. قد تختلف الدرجة بالتأكيد، لكن الاستثناء شبه مستحيل، وبالتالي كيف لنا أن نتوقع أن تكون قصصهم في الخطبة والزواج عادية؟
ملايين الأشخاص وجدوا أنفسهم وسط محيط ثقافي وجغرافي وإنساني مغاير تماما لما ألفوه، بينما في العمق لا يزال الكثير منهم أسرى- وربما راغبين ومتمسكين بتصميم- لنفس الأفكار والعادات والممارسات السابقة، وكأنها هوية يخشون فقدانها.
لغط كثير حول موضوع الخطبة والزواج أثير في الآونة الأخيرة في أوساط اللاجئين السوريين الذين أصبحوا فجأة كأنهم كتلة اجتماعية واحدة رغم اختلاف بيئاتهم في الأساس.
شباب حانقون من شروط الأهل، التي يعتبرونها تعجيزية، ويهددون بأنهم سيتركون بنات البلد المتدللات لمصيرهن مع عزوبية أبدية، ويتزوجون أجنبيات لا يرهقنهم بطلبات المهر والشبكة والعرس، لكنهم في نفس الوقت لا يرضون بعلاقة ندية مع زوجة سورية.
وعلى المقلب الآخر، عائلات تعتبر الأمان المادي ضمانا لمستقبل بناتها، وفتيات يعتبرن الرجل ملزما بتلبية كافة الطلبات، وتساهل الفتاة معه يقلل قيمتها في نظره. في المقابل هناك أيضا شابات يبحثن عن توافق ثقافي واجتماعي في شراكة حقيقية حين يحين أوانها، وشباب لا يريدون شراء زوجة، وإنما يرغبون بشريكة، ولا يعرفون كيف يمكن لهم التعرف عليها.
وبين الجميع، هناك وسطاء بأشكال عدة، من الخاطبة التي عادت بحلة جديدة، إلى المواقع والصفحات الخاصة بالزواج على وسائل التواصل، إلى “أهل الخير” الذين يسعون للمساعدة وتعريف الراغبين بالزواج على من يعتقدون أنهم مناسبون لهم.
نحاول هنا فهم هذه الملابسات المتعلقة بالزواج التقليدي، الذي يعرف أيضا بزواج الصالونات، تحديدا بين اللاجئين السوريين، لأن علاقات الحب بالأساس لا تخضع لشرط الظاهرة العامة.
ولنتمكن من تسليط الضوء على كافة جوانب الموضوع تواصلنا مع نماذج من كل الفئات التي ذكرناها سابقا تقريبا. البعض وافق على ذكر اسمه الصريح، والبعض الآخر آثر عدم الكشف عنه.
نظرة عامة
تبدو المغالاة في الشروط والطلبات والتوقعات من قبل الطرفين العائق الأول أمام الباحثين عن نصفهم الآخر، وهو أمر اتفق عليه كل الذين التقيناهم، وقد أكد معظمهم عدم وجود تنازل من الطرفين، الأمر الثاني هو وجود فروقات اجتماعية وثقافية بالأساس، لم تلبث أن برزت على السطح ولم تستطع حالة اللجوء العامة إزالتها كما تصور البعض، وكذلك تغير الأولويات الواضح بين الجنسين.
لماذا يثير الزواج لغطاً كبيراً في أوساط اللاجئين السوريين؟ – BBC News عربي
صدر الصورة، Peter Dazeley