يستضيف المستشار الألماني أولاف شولتز، يوم الجمعة، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في زيارة تثير جدلاً واسعاً في ألمانيا، بعد الانتقادات الحادة التي وجهها أردوغان لإسرائيل، متهماً إياها بالتصرف كدولة “إرهابية” في حربها على غزة.
تتجول ألمانيا خلال هذه الزيارة على خط رفيع، حيث تستقبل رئيساً طرح شكوكاً حول “شرعية” إسرائيل، بينما تعتبر برلين وجود دولة الاحتلال “مصلحة وطنية” تنبع من مسؤوليتها التاريخية في محرقة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية.
تأتي الزيارة في وقت تسعى فيه ألمانيا لتجديد اتفاق مع تركيا يهدف إلى الحد من وصول المهاجرين، في حين تشهد أوروبا موجة جديدة من الوافدين من أفغانستان وسورية، مما يزيد من شعبية اليمين المتطرف في استطلاعات الرأي، خاصة في ألمانيا.
تصريحات أردوغان”
قبل يومين من زيارته إلى برلين، وصف أردوغان إسرائيل في كلمة ألقاها أمام النواب الأتراك، بـ”دولة إرهابية” متهماً الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين بـ”الدعم العلني للمجازر” في غزة.
وقبل أسبوع، اعتبر أنّ شرعية إسرائيل نفسها “موضع شكّ بسبب فاشيتها”، في تصريحات أثارت صدمة في ألمانيا.
من جهته، وصف شولتز هذه التصريحات الثلاثاء بأنها “عبثية”، مدافعاً عما وصفها “الدولة الديمقراطية” في إسرائيل في مواجهة حماس.
ضغوط لإلغاء الزيارة”
وفي هذه الأثناء، ارتفعت أصواتٌ خصوصاً من الجمعيات اليهودية، تطالب بإلغاء الزيارة التي كانت مقرّرة منذ عدّة أشهر، بناء على دعوة المستشار الألماني لأردوغان بعد إعادة انتخابه في مايو/أيار.
واعتبرت المعارضة المحافظة أنّ توقيت الزيارة غير مناسب، الأمر الذي أعرب عنه أيضاً الحزب الديمقراطي الحر وهو عضو في الائتلاف الحكومي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر.
ولكن على الرغم من الضغوط، لم تفكّر الحكومة قط في إلغاء الزيارة.
ووفق المتحدث باسم المستشار ستيفن هيبستريت، تتطلّب الدبلوماسية في بعض الأحيان الاضطرار إلى إجراء مباحثات مع “شركاء صعبين”، مضيفا أنّ المناقشات قد تكون “معقّدة”.
نفوذ أردوغان”
وفي حين حافظ الرئيس التركي على خطه الاستبدادي، جعله نفوذه المتزايد على المستوى الجيوسياسي محاوِراً أساسياً بالنسبة إلى برلين.
وفي الحرب الروسية في أوكرانيا التي بدأت في 24 فبراير/شباط 2022، لعب أردوغان دور مهندس الاتفاق الذي يضمن تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، قبل أن تعترض موسكو على طريقة تطبيقه.
واليوم، ترى الدول الغربية أنّه يمكن أن يلعب دوراً لتجنّب تصعيد النزاع في الشرق الأوسط، الأمر الذي يجعل الحوار “أكثر أهمية وأكثر إلحاحاً”، وفقاً لوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك.
التوصية
في هذه الزيارة، سيتعين على شولتز أن يجد توازناً صعباً بين ضرورة الحفاظ على علاقة جيدة مع تركيا، وبين الدفاع عن القيم الديمقراطية التي تدافع عنها ألمانيا.
وإذا نجح في ذلك، فقد يتمكن من تحقيق هدفين رئيسيين:
ضمان تجديد اتفاقية الهجرة مع تركيا، وهو أمر أساسي لأمن أوروبا.
جذب تركيا إلى صفوف الغرب في مواجهة التهديدات الروسية والصينية.
ولكن إذا فشل في ذلك، فقد يؤدي ذلك إلى توتر العلاقات بين البلدين، مما قد يعقد الوضع في الشرق الأوسط والمنطقة الأوسع.