سوريا: فخٌّ من صنع النظام والمجتمع الدولي يُحكم على الشعب السوري بالمعاناة بلا نهاية
جنيف، 4 يوليو 2024: في ظلّ سكونٍ مخيف يخيّم على مأساة سوريا، يرتفع صوتٌ قويّ من جنيف ليُحذر من “التواطؤ” الخطير بين النظام السوري والمجتمع الدولي، تواطؤٌ يهدف إلى الحفاظ على الوضع الراهن المأساوي الذي يعيشه الشعب السوري، بينما تُمزّق البلاد وتتفتّت على جميع الجبهات.
قال رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا، باولو بينيرو، إن النظام السوري والمجتمع الدولي متواطئان بشكل غريب في الحفاظ على الوضع الراهن في سوريا. جاء ذلك خلال كلمته يوم الأربعاء، خلال الحوار التفاعلي ضمن فعاليات الدورة الـ56 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة في جنيف.
دوامة العنف تتواصل بلا رحمة
يُشير رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا، باولو بينيرو، في كلمته خلال فعاليات الدورة 56 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، إلى أنّ “دورات العنف المروعة” ما زالت تُدمّي الأرض السورية، مستشهدًا بمجزرة الصنمين في درعا التي راح ضحيتها 10 مدنيين، بينهم أطفال، على يد ميليشيا موالية للنظام. ويسود شعورٌ عميقٌ بالقلق من استمرار جرائم القتل خارج القانون والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، دون أيّ مساءلة أو عقاب.
الإفلات من العقاب: لعنةٌ تُلاحقُ السوريين
يُؤكّد بينيرو أنّ “الإفلات من العقاب وانعدام القانون” باتا واقعًا قاتمًا يُلاحقُ السوريين في كلّ مكان، داخل وخارج البلاد. فلا يزال مصيرُ آلاف المُعتقلين والمختفين قيدَ المجهول، بينما تُجبرُ عائلاتهم على دفع مبالغ هائلة لمجرّد الحصول على معلوماتٍ عن أحبائهم.
فشلٌ ذريعٌ على جميع المستويات
يُشيرُ بينيرو إلى أنّ مسار التطبيع العربي مع النظام السوري، الذي قادته بعض الدول العربية العام الماضي، لم يُحقّق أيّ نتائجٍ ملموسةٍ على صعيد تحسين أوضاع السوريين. بل على العكس، يبدو أنّ النظام والمجتمع الدولي “راضيان بشكل غريب” عن الحفاظ على الوضع الراهن، دون أيّ اعتبارٍ لمعاناة الشعب السوري المُستمرة.
تخاذلٌ دوليّ يُضاعفُ من معاناة السوريين
يُحمّلُ بينيرو زعماء العالم المنخرطين في الصراع السوري مسؤوليةً مباشرةً في فشلهم في تحقيق أيّ تقدّمٍ نحو تسويةٍ سياسيةٍ تُنهي هذا الصراع المُدمر. ويُؤكّد أنّ هذا التخاذل، إلى جانب جرائم النظام، يُشكلُ خذلانًا فادحًا للشعب السوري.
أكد بينيرو أن الشعب السوري يستحق المزيد من الدعم والمساعدة من الحكومات الدولية، مشدداً على ضرورة تحمل المسؤولية وتقديم العون في مواجهة الأزمات المتعددة التي تعصف بسوريا.
معاناةٌ مضاعفةٌ للاجئين السوريين
يُلقي بينيرو الضوءَ على معاناةٍ جديدةٍ يُواجهها اللاجئون السوريون، وهي خطرُ الترحيل والعودة القسرية إلى بلادهم، حيث يواجهون خطرَ الاعتقال أو الاختفاء، أو العودة إلى منازل مدمّرة دون أيّ فرصٍ للعيش.
مناشدةٌ ملحةٌ للمجتمع الدولي
أمام هذا الوضع الكارثي، وجه بينيرو نداءً ملحًا للمجتمع الدولي، مطالباً باتخاذ ثلاثة إجراءاتٍ حاسمةٍ لإنقاذ الشعب السوري من براثن الأزمة:
- العمل على إطلاق سراح المحتجزين تعسفياً في شمال شرقي سوريا، لاسيما أولئك الذين يُحتجزون منذ عام 2019 دون أي محاكمةٍ عادلة.
- إعادة النظر بالعقوبات المفروضة على سوريا، مع التأكد من عدم إلحاقها مزيدًا من المعاناة بالمدنيين.
- زيادة دعم خطة الاستجابة الإنسانية للأزمة في سوريا لعام 2024، لضمان توفير المساعدات الأساسية للشعب السوري.
وأشار بينيرو إلى تطورات إيجابية، مثل المبادرات الإبداعية للمساءلة التي يقودها المجتمع المدني السوري خارج البلاد، وإنشاء مؤسسة لمساعدة أسر المفقودين والمختفين في الكشف عن مصير أحبائهم.
خاتمةٌ مُحزنةٌ ورسالةٌ أخيرة
يُشدّدُ بينيرو على أنّ “لا يمكن التخلّي عن الشعب السوري” في ظلّ الأزمات المتعدّدة، مُضيفًا: “لقد تحملوا 13 عامًا من الصراع ويستحقّون المزيد من المساعدة من حكوماتكم”.