إن الحرب في سوريا إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية التي شهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، و هي مستمرة في نتائجها المأساوية على الشعب السوري و زعزعة استقرار المنطقة، من خلال النزوح و انتشار الإرهاب و تفاقم الخلافات السياسية و الطائفية.
منذ نشوب الصراع، دعا الاتحاد الأوروبي إلى إنهاء العنف غير المقبول في سوريا، و الذي ما زال يسبّب معاناة ملايين السوريين و دماراً هائلاً في البنى التحتية. إن الهجمات على مواقع الإرث الثقافي من ضمن نتائج الصراع المؤسفة. يستمرّ الاتحاد الأوروبي في إدانة العنف المستمر و انتهاكات حقوق الإنسان واسعة الانتشار و الممنهجة بأقوى العبارات.
علاقات سياسية
يؤمن الاتحاد الأوروبي بأنه ما من حلّ عسكري للصراع، و يتطلّب اجتثاث داعش و غيرها من الكيانات الإرهابية المُدرجة على لوائح الأمم المتحدة في سوريا حلاً سياسياً للصراع في سوريا.
دعا الاتحاد الأوروبي إلى إنهاء العنف غير المقبول في سوريا، و الذي ما زال يسبّب معاناة ملايين السوريين و دماراً هائلاً في البنى التحتية. يستمرّ الاتحاد الأوروبي في إدانة العنف المستمر و انتهاكات حقوق الإنسان واسعة الانتشار و الممنهجة.
تتركّز أهداف الاتحاد الأوروبي الاستراتيجية في سوريا في ست نواحٍ أساسية:
- إنهاء الحرب من خلال انتقال سياسي حقيقي، انسجاماً و قرار مجلس الأمن الدولي 2254، بتفاوض أطراف الصراع برعاية المبعوث الأممي الخاص من أجل سوريا و بدعم فاعلين دوليين و إقليميين أساسيين
- ترويج انتقال شامل في سوريا، انسجاماً و قرار مجلس الأمن الدولي 2254 و بيان جنيف، عبر دعم تقوية المعارضة السياسية
- إنقاذ الأرواح عبر تناول الاحتياجات الإنسانية للسوريين الأضعف في أنحاء القطر بفعّالية و كفاءة و على نحو مبدئي و في الوقت المناسب
- ترويج الديمقراطية و حقوق الإنسان و حرية التعبير بتقوية منظمات المجتمع المدني السوري
- ترويج المحاسبة على جرائم الحرب بغية تسهيل عملية المصالحة الوطنية و العدالة الانتقالية
دعم متطلبات صمود سكان سوريا و مجتمعها .
المعونة الإنسانية
الحماية المدنية و عمليات المعونة الإنسانية الأوروبية (إيكو) هي الذراع الإنساني للاتحاد الأوروبي في سوريا. مهمة (إيكو) الرئيسية هي الحفاظ على الأرواح و الحدّ من المعاناة الإنسانية و تخفيفها و صون كرامة السكان المتأثرين بالكوارث الطبيعية و الأزمات من صنع الإنسان، و سلامتهم.
(لإيكو) مقرّ في بروكسل إضافة إلى شبكة عالمية من المكاتب الميدانية، و يؤمّن مساعدات إغاثية من الاتحاد الأوروبي على نحو سريع و فعّال. كان (إيكو) مانحاً رئيسياً على صعيد تقديم المساعدة الإنسانية داخل سوريا و يحافظ على تواصل يومي مع طيف من الفاعلين الإنسانيين في سوريا.
يؤمّن معونة إنسانية عبر شركائه الموثوقين كاللجنة الدولية للصليب الأحمر و وكالات الأمم المتحدة و شركاء منفّذين دوليين و محلّيين، باستخدام كافة الأقنية الممكنة لتقديم المساعدات في أنحاء سوريا. يشمل هذا الأمر عمليات عبر الخطوط و عبر الحدود من تركيا و الأردن و لبنان و العراق.
على غرار أي مكان آخر في العالم، يعمل إيكو- سوريا باستقلالية كبيرة. يستند عمله إلى مبادئ العمل الإنساني وحدها، ألا و هي المساعدة المستقلّة و المحايدة و النزيهة و المستندة إلى الاحتياجات. يسمح مكتب إيكو في دمشق للاتحاد الأوروبي برصد توسيع نطاق عمليات المعونة الإنسانية داخل سوريا و الانخراط المباشر مع الشركاء في العمل الإنساني على الأرض.
علاوة على ما سلف، وجود (إيكو) داخل سوريا و حولها يُعلم عضوية الاتحاد الأوروبي الناشطة في المجموعة الدولية لدعم سوريا، و لا سيما في فريق العمل الإنساني. كما يدعم الاتحاد الأوروبي اللاجئين و المجتمعات المضيفة في بلدان جوار سوريا.
المساعدة غير الإنسانية
علّق الاتحاد الأوروبي تعاونه الثنائي مع الحكومة السورية في أيار 2011، كما تبنّى عقوبات محدّدة و موجّهة عقب تصعيد العنف و وضع حقوق الإنسان غير المقبول. و مع ذلك، يُبقي الاتحاد الأوروبي على دعم مباشر للسكان السوريين.
المساعدة التي تقدّمها المديرية العامة لمفاوضات التوسّع و الجوارDG NEAR داخل سوريا تهدف إلى دعم جهود متطلّبات الصمود للسوريين حيثما أمكن على مستوى القاعدة الشعبية. و يتجاوز هذا الدعم الاستجابات الطارئة و المنقذة للحياة، كما يتناول المكوّنين الثاني و الثالث في خطة الاستجابة الإنسانية (الحماية – متطلبات الصمود و مُتاحية الحصول على الخدمات).
في صميم المساعدة يأتي تأمين دعمٍ متوسط المدى للسوريين أنفسهم، كمجتمعات محلية أو عناصر تغيير فردية في سعيهم إلى العيش في مجتمع مزدهر و سلميّ. و عليه، تمّ التشديد على الحقوق الاجتماعية الاقتصادية و حق العيش بكرامة من خلال الإجراءات التي تضمن العمل اللائق و مُتاحية الحصول على الخدمات الأساسية. في ظلّ ازدياد احتمالات تفاقم الأزمة الاقتصادية الحالية، يبرز بناء متطلّبات صمود السكان السوريين كعامل أساسي للحفاظ على التماسك الاجتماعي.
تركّز مساعدات المديرية العامة لمفاوضات التوسّع و الجوار على نحو أساسي على التعليم و الصحة و أسباب الرزق و دعم المجتمعات المحلية و منظمات المجتمع المدني و حماية حقوق الإنسان و تمكين النساء و العدالة الانتقالية و المحاسبة. يشكّل كل من الرّصد النّشط للمخاطر و تدابير تخفيف الآثار العمودَ الفقري لهذا الدعم، بما في ذلك التحليل المناسب زمنياً لمواقع البرنامج و المخاطر المرتبطة بالنشاطات، و التطورات الأمنية و تطورات السياق، و التحقق من الشركاء و الجهات، إضافة إلى التحليل المواضيعي عبر المناطق الجغرافية.
دعم الاستقرار و بناء السّلم
دائرة أدوات السياسة الخارجية لدى المفوضية الأوروبية FPI هي المعنية بتحديد و صياغة و تنفيذ مداخلات الاستجابة للأزمات و منع الصراع و بناء السّلم و التأهّب لمواجهة الأزمات.
كانت دائرة أدوات السياسة الخارجية FPI مسؤولة عن الأداة المساهِمة في ترسيخ الاستقرار و السّلم و التي موّلت الكثير من المشاريع في سوريا منذ 2011، بما في ذلك دعم جهود السّلم بقيادة الأمم المتحدة و مبادرات حوار المجتمع المدني، و العدالة الانتقالية و مكافحة التطرّف العنيف. منذ منتصف 2021، تتولى FPI إدارة أموال الاستجابة للأزمة ضمن أداة الجوار و التنمية و التعاون الدولي الجديدة NDICI. يتمّ تنفيذ مشاريع FPI من خلال المنظمات الدولية غير الحكومية و وكالات الدول الأعضاء.
تقدّم FPI دعماً لجهود الوساطة الدولية برعاية الأمم المتحدة، وفقاً لاستراتيجية الاتحاد الأوروبي في سوريا، بالتركيز على الحاجة إلى حلّ سياسيّ تفاوضيّ للصراع بما ينسجم و قرار مجلس الأمن الدولي 2254، و بدعمٍ من فاعلين إقليميين و دوليين أساسيين.
تنشط FPI في مجال العدالة الانتقالية و المحاسبة عبر دعم جمع و تحليل أدلة على جرائم محتملة بموجب القانون الجنائي الدولي و القانون الإنساني الدولي.
إضافة إلى ذلك، يركّز عدد من مشاريع FPI على الاستقرار في شمال شرق سوريا. تشمل هذه المشاريع تأمينَ خدمات أساسية و انخراطاً مع المجتمع المدني المحلّي لتنفيذ نشاطات تروّج التماسك الاجتماعي و تدعم إعادة الدّمج و تؤمّن خدمات الحماية الضرورية و الدّعم النفسي الاجتماعي للأطفال.
مؤتمر بروكسل
منذ عام 2017، يعمل الاتحاد الأوروبي على تنظيم مؤتمرات بروكسل حول “دعم مستقبل سوريا و المنطقة”، و تشارك الأمم المتحدة في ترؤّسها.
تهدف مؤتمرات بروكسل إلى دعم الشعب السوري و حشد المجتمع الدولي دعماً لحلّ سياسي مستدام للأزمة السورية، بما ينسجم و قرار مجلس الأمن الدولي 2254. تناولت مؤتمرات بروكسل جميعها مسائل المعونة الإنسانية و متطلّبات الصمود الأكثر إلحاحاً و التي تؤثر في السوريين و المجتمعات المضيفة للاجئين السوريين، داخل سوريا و في المنطقة. كما تجدّد دعم المجتمع الدولي السياسي و المالي للدول المجاورة لسوريا.
منذ اندلاع الصراع عام 2011، حشد الاتحاد الأوروبي و الدول الأعضاء فيه أكثر من 24 مليار يورو لمساعدة المتضرّرين من الحرب السورية، ما يجعل الاتحاد الأوروبي على نحو جماعي المانحَ الأكبر للمعونة الدولية استجابة للأزمة السورية.
نما المؤتمر على مرّ السنين بحيث بات يؤمّن منصّة تفاعلية للحوار مع المجتمع المدني و المنظمات غير الحكومية من داخل سوريا و في أماكن أخرى في المنطقة. تعكس هذه المقاربة إيمانَ الاتحاد الأوروبي و مجتمع المانحين بقوة بأن لمجتمع سوريا المدني، بما ينطوي عليه من تنوّعٍ كبير في الآراء، دوراً أساسياً في بناء مستقبلٍ أكثر شمولاً لسوريا.