بعد أكثر من عقد من الأزمات الإنسانية والاقتتال، يجد الأطفال في سوريا أنفسهم في خضم إحدى أعقد حالات الطوارئ في العالم. ومع دخول الصراع عامه الثالث عشر، فثلثا سكان البلاد في حاجة إلى المساعدات بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، واستمرار الاقتتال محلياً، والنزوح الجماعي، ودمار البنية التحتية العامة. كما تعاني البلاد من أضرار بشرية ومادية جسيمة بسبب الزلزالين المدمرين والهزات الارتدادية (شباط / فبراير 2023) التي تركت الأسر في حاجة ماسة إلى المساعدات لتغطية احتياجاتها في الغذاء والماء والمأوى والدعم الطبي والنفسي-الاجتماعي.
تعيش نحو 90 بالمئة من الأسر في البلد في فقر، وتعاني أكثر من 50 بالمئة من الأسر من انعدام الأمن الغذائي. لقد فاقمت الأزمة الاقتصادية آليات التكيف السلبية وهي تضر بشكل خاص بالأسر المعيشية التي تعيلها النساء كما تسهم في تطبيع العنف الجندري واستغلال الأطفال.
وفي خضم النزاع، أجبر العديد من الأطفال والأسر على الفرار إلى مناطق أكثر أماناً، مما أدى إلى نزوح داخلي كبير. ونظراً لمستوى الفقر الشديد الذي يشيع بين السكان المهجرين، غالباً ما ينتهي المطاف بالأطفال الأكثر ضعفاً وأسرهم في أحياء فقيرة إذا انتقلوا إلى المناطق الحضرية. وبالنسبة للأسر التي تقطن في الأحياء الفقيرة، فإن درء البرد، ناهيك عن توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال، يمثل تحدياً هائلاً.
منذ الإعلان عن تفشي الكوليرا في أوائل شهر أيلول / سبتمبر 2022، تم الإبلاغ عن أكثر من 80,000 حالة يشتبه في إصابتها بالكوليرا في جميع أنحاء البلاد. وقد أدى انهيار نظام الرعاية الصحية وقلة توفر المياه المأمونة وتدهور نظام الصرف الصحي وزيادة انعدام الأمن الغذائي إلى زيادة التعرض للأمراض سريعة الانتشار المنقولة بالمياه والتي يمكن الوقاية منها باللقاحات — كما أدت هذه العوامل كذلك إلى زيادة كبيرة في سوء التغذية بين الأطفال.
كيف تأثر أطفال سوريا؟
بالنسبة للعديد من الأطفال في سوريا، فالنزاع هو كل ما يعرفونه. وما زالوا يعيشون في خوف من العنف والألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب. إنهم يقاسون الندوب الجسدية والنفسية للنزاع.
يُقدَّر عدد الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن خمس سنوات بمرض التقزّم بأكثر من ستمائة ألف طفل، نتيجة إصابتهم بسوء التغذية المزمن، فيصبحون بذلك عرضة للإصابة بأضرار جسدية ونفسية لا يمكن الشفاء منها.
كما صنع النزاع واحدة من أكبر أزمات التعليم في التاريخ الحديث، حيث دفع جيل كامل من الأطفال السوريين ثمن الصراع. والمرافق التعليمية مستنزفة، ولا يمكن استخدام العديد من المدارس لأنها دمرت أو تضررت أو آوت أسراً مشردة أو تستخدم لأغراض أخرى.
يتحمل الأطفال ذوو الإعاقة عبئاً مزدوجاً عندما يتعلق الأمر بالعنف، والتهديدات لصحتهم وسلامتهم، والجوع، وخطر سوء المعاملة، وفقدان التعليم. وقد أدى انعدام القدرة على التنقل وصعوبة الفرار من الأذى إلى تفاقم التحديات التي يواجهونها.
ما الذي تفعله اليونيسف لمساعدة أطفال سوريا؟
في جميع أنحاء سوريا وفي البلدان المجاورة ، تواصل اليونيسف وشركاؤها العمل على حماية الأطفال ومساعدتهم على مواجهة تأثيرات النزاع. ويشمل ذلك تحسين الدعم النفسي والاجتماعي لمساعدة الأطفال ومقدمي الرعاية على التعافي من الصدمة، فضلاً عن تقديم الدعم والخدمات المنقذة للحياة للأطفال الذين يعانون جسدياً ونفسياً.
تقدِّم اليونيسف مساعدات إنسانية ضرورية، من قبيل اللقاحات وغير ذلك من المواد الصحية والغذائية في جميع أنحاء البلد، بما في ذلك الوصول إلى الأماكن التي يصعب الوصول إليها. وفي الوقت نفسه، تعمل اليونيسف وشركاؤها على تحسين مرافق المدارس، وتدريب المعلمين، وإصلاح مرافق المياه والصرف الصحي.