من بين الأهداف الرئيسية لقمة الصين ودول آسيا الوسطى، التي عقدت قبل يومين في مدينة شيان الصينية، تعزيز المبادلات التجارية والترويج لمبادرة “الحزام والطريق”، إذ يخطط قادة الدول المشاركة للالتزام بـ”وثيقة سياسية” تضع حجر الأساس لعقود قادمة من التعاون،
حسب ما ورد في تقرير نشرته صحيفة إزفستيا الروسية.
وأوضحت الصحيفة الروسية أنه بينما فسّر الغرب هذا الحدث على أنه يعكس رغبة الصين في التفوق على الحليف الروسي في آسيا الوسطى، قال خبراء -قابلتهم إزفستيا- إن موسكو وبكين تعملان في المنطقة جنبا إلى جنب في إطار التعاون، وليس التنافس على النفوذ.
وذكر التقرير أن قمة زعماء الصين ودول آسيا الوسطى الخمس (كازاخستان وقرغيزستان وتركمانستان وطاجيكستان وأوزبكستان) هي أول حدث دبلوماسي كبير تستضيفه الصين هذا العام، وأول اجتماع مباشر لرؤساء تلك الدول منذ 31 عاما على إقامة بكين علاقات دبلوماسية معها.
رمزية المكان
وانعقدت هذه القمة في مدينة شيان الصينية، وهي نقطة انطلاق طريق الحرير القديم الذي كان يضم شبكة من طرق التجارة الأوروبية الآسيوية التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني قبل الميلاد. وقبل 10 سنوات، أطلقت الصين مبادرة “الحزام والطريق” التي تشمل جمهوريات آسيا الوسطى الخمس.
وخلال العقد الماضي، تمكّنت دول المنطقة من تنفيذ عديد من المشاريع على غرار خط أنابيب الغاز بين الصين وآسيا الوسطى (الذي يمر عبر أراضي تركمانستان وأوزبكستان وكازاخستان)، وخط أنابيب النفط بين الصين وكازاخستان، والطريق السريع بين الصين وقرغيزستان وأوزبكستان، والطريق السريع بين الصين وطاجيكستان، والإنجاز الأبرز هو القطار السريع بين الصين وأوروبا الذي يمر عبر آسيا الوسطى.
وحسب وزارة التجارة الصينية، فإن حجم المبادلات التجارية بين الصين ودول آسيا الوسطى سجّل في عام 2022 مستوى قياسيا بلغ 70.2 مليار دولار، وبلغ إجمالي المشاريع الاستثمارية الصينية المنجزة في دول آسيا الوسطى الخمس 63.9 مليار دولار.
لكن الصين لم تقف عند هذا الحد، إذ أعلن الرئيس شي جين بينغ يناير/كانون الثاني الماضي أنه يخطط لزيادة الاستثمار في المنطقة.
الغرب يراقب
وأشار التقرير إلى أن الغرب سيراقب عن كثب جهود تكثيف التعاون بين بكين ودول آسيا الوسطى. ومن بين الروايات المطروحة أن توسُّع الصين في آسيا الوسطى ينافس النفوذ الروسي في المنطقة.
ونقل عن تشاو لونغ -نائب مدير معهد دراسات الحوكمة العالمية في معهد شنغهاي للدراسات الدولية- قوله إن وسائل الإعلام الغربية لا تحاول شيطنة تعاون الصين مع دول آسيا الوسطى فقط، بل تدّعي كذلك أن الصين تسعى إلى اكتساب نفوذ في هذه المنطقة على حساب روسيا، وهو ما قد يؤدي إلى إحداث شرخ في العلاقات الصينية الروسية.
وأكد تشاو لونغ أن هذين البلدين لعبا لفترة طويلة أدوارًا متكاملة في آسيا الوسطى -كموفّر للأمن وقوة دافعة للتنمية الاقتصادية- وهذا المنطق لم يتغير.
من جهتها، قالت دينا ماليشيفا -كبيرة الباحثين العلميين في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية- إن الحديث عن محاولة الصين إزاحة روسيا من آسيا الوسطى مستمر منذ بدأت بكين تقديم نفسها كلاعب فاعل في السياسة والاقتصاد العالمي، لكن هذه الدعاية المبتذلة لا علاقة لها بالواقع.
ووفقا لماليشيفا، فإن دول المنطقة تلتزم بسياسة تتعاون فيها مع المراكز الدولية القوية خاصة في المجال الاقتصادي، وهي مهتمة بعدم السماح لأي مركز بالسيطرة على سياساتها واقتصادها.
المصدر : الصحافة الروسية