إلى ماذا دعت دول الجوار في “مؤتمر بروكسل الخامس لدعم سوريا والمنطقة”؟
في الطقس البارد تزداد احتياجات الأطفال المستضعفين في مخيم الهول شمال شرق سوريا.في ظل 10 سنوات من الصراع، وجائحة كوفيد-19 وتدهور اقتصادي إقليمي عام، أصبح الوضع في سوريا والمنطقة أكثر خطورة.
بناءً على النسخات السابقة من مؤتمر بروكسل ليدعم سوريا والمنطقة، يعد مؤتمر هذا العام فرصة لدعم الشعب السوري وحشد المجتمع الدولي لدعم حل سياسي شامل وموثوق للصراع السوري، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
ويعالج مؤتمر بروكسل الخامس أهم القضايا الإنسانية والقدرة على الصمود التي تؤثر على السوريين والمجتمعات التي تستضيف لاجئين من سوريا، سواء داخل البلاد أو في المنطقة، ويجدد دعم المجتمع الدولي السياسي والمالي لجيران سوريا، ولا سيما الأردن ولبنان وتركيا، وكذلك مصر والعراق.
فماذا قال ممثلو هذه الدول في اليوم الثاني والأخير من مؤتمر بروكسل الخامس؟ وماذا طلبوا من المجتمع الدولي والدول المانحة؟
لبنان يدعو إلى منح خطّة الحكومة اللبنانيّة لعودة النازحين فرصة
كلمة رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، لم تخل من الإشارة إلى الظروف الصعبة وغير المسبوقة التي يمر بها لبنان. إذ تفاقمت الأزمة التي تواجهها البلاد بسبب تفشي جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت المأساوي وما أعقبَ ذلك من تداعياتٍ زادت من محنة الشعب اللبناني المؤلمة، فضلاً عن استمرار معاناة الشعب السوري.
هذا وأشار الرئيس حسان دياب وفي مداخلته خلال مؤتمر بروكسل الخامس لدعم سوريا والمنطقة، الذي انعقد اليوم الثلاثاء عبر تقنية الاتصال المرئي، إلى التوتّر القائم بين المجتمعات اللبنانية والنازحين السوريين في جميع أنحاء لبنان، الذي اعتبره أولوية أخرى ينبغي معالجتها.
وأوضح أنه على الرغم من الحوادث المُبلَّغ عنها، والتي أمل في أن تظلّ متفرّقة، يواصل لبنان توفير ملاذٍ للنازحين السوريين ويُبدي تضامنا معهم وعناية بهم. ولكنه أضاف:
“ومع ذلك، فإنّ إقامتهم في لبنان مؤقتّة ولا ينبغي أن تُفسَّر تحت أيّ ظرف من الظروف على أنها اندماجٌ محلي، فهذا قرار سيادي وعمل عائد للدول وفقا لما خَلُصت إليه اللجنة التنفيذية لمفوضيّة الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين عام 2005. وعلاوة على ذلك، فإنّ التوطين مُخالف للدستور اللبناني.”
وقال إن النزوح السوري يرخي بثقله على الاقتصاد اللبناني، وقد بلغت كلفته على البلد نحو 46.5 مليار دولار حسب تقديرات وزارة الماليّة للفترة الممتدّة بين عاميْ 2011 و2018. كما أنه لا ينفكّ يؤثّر على النسيج الاجتماعي للبنان. لذلك، على ضوء الوضع السياسي الراهن وتداعياته على لبنان، دعا حسان دياب إلى “منح خطة الحكومة اللبنانية لعودة النازحين السوريين بشكل تدريجي، التي أُقرّت في14 تموز/ يوليو 2020، فرصة تحقيق هدفها بمساعدة المجتمع الدولي.”
اقرأ أيضا: الأمين العام: الحرب في سوريا ليست حرب سوريا فحسب – وإنهاؤها مسؤوليتنا الجماعية
هذا وتقوم خطة الحكومة اللبنانية على مجموعة من المبادئ هي: عدم ربط عودة اللاجئين السوريين بالحلّ السياسي؛ احترام حقوق الإنسان ومبدأ عدم الإعادة القسريّة؛ وضمان العودة الكريمة والآمنة وغير القسريّة للنازحين السوريّين إلى وجهات آمنة في سوريا.
الأردن: لا ينبغي أن تُترك الدول المضيفة لوحدها في مواجهة أعباء اللجوء
في كلمته أمام مؤتمر بروكسل الخامس لدعم سوريا والمنطقة، دعا نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إلى إطلاق جهد شمولي فاعل أولويته حماية الشعب السوري للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية التي لا يوجد أي استراتيجية شاملة لإنهائها أو أفق حقيقي لوقف دمارها بعد عشر سنوات من بدئها.
وأكد الصفدي على أهمية قرار مجلس الأمن 2254 قائلا إنه يوفر مرجعية للحل السياسي الذي يجب أن تنطلق جهود تحقيقه بفاعلية لإنهاء الأزمة.
وقال وزير الخارجية الأردني إن الحل الذي يضمن السلام هو الحل الذي يقبل به الشعب السوري، ويحفظ وحدة سوريا وسلامة أراضيها، ويوفر الظروف الملائمة لعودة اللاجئين الطوعية.
وتابع قائلا:
“إلى حين حدوث ذلك، يجب ألا يُنسى موضوع اللاجئين السوريين، ولا ينبغي أن تُترك الدول المضيفة في مواجهة أعباء اللجوء لوحدها”، مشيرا إلى أن الوضع الراهن خطر، حيث “انخفضت مستويات الدعم ولا تتلقى منظمات الأمم المتحدة الدعم المادي المطلوب”.
وأشار الصفدي إلى أن الأردن يستضيف حوالي 1.3 مليون شقيق سوري، لا تزيد نسبة من يتواجد منهم في المخيمات عن 10%، بينما ينتشر البقية في مختلف أنحاء المملكة الأردنية. وأوضح أن هناك حوالي 200 ألف لاجئ في سن الدراسة، يتلقى 144 ألفا منهم التعليم الرسمي حاليا في البلاد.
تركيا: التضامن الدولي وتقاسم الأعباء ضروريان لدعم البلدان المجاورة
من جهته قال سادات أونال، نائب وزير الخارجية التركي، إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية جماعية في حلّ محنة الشعب السوري التي أتمت عامها العاشر.
وفي رسالة عبر الفيديو إلى مؤتمر بروكسل الخامس، قال أونال إن “الأمر يتطلب جهدا منسقا ومتعدد الأبعاد لا يلبي الاحتياجات الإنسانية الملحة على الأرض فحسب، بل يعالج أيضا الأسباب الجذرية للأزمة. حل سياسي دائم على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لإنهاء محنة الشعب السوري.”
غير أنه أوضح أنه لا يمكن تحقيق مثل هذا الحل إلا من خلال مواءمة مواقف جميع أصحاب المصلحة داخل وخارج الدولة.
وتحدث المسؤول التركي عن أهمية الحفاظ على الهدوء في ومكافحة خطر الإرهاب، بما في ذلك داعش والجماعات الانفصالية الكردية، على حد تعبيره.
وقال إن تركيا، بالنسبة لأكثر من 4 ملايين سوري، تعد البوابة الوحيدة للمساعدات الإنسانية للأمم المتحدة عبر الحدود، مشيرا إلى أن مجلس الأمن الدولي سينظر في تمديد القرار 2533 في حزيران/ يونيو المقبل، ودق ناقوس الخطر قائلا:
“هذه المرة نواجه خطرا جادا بفقدان آلية الأمم المتحدة عبر الحدود بأكملها. من الأهمية بمكان أن يحاول المجتمع الدولي عدم حرمان ملايين السوريين من هذه المساعدة المنقذة للحياة.”
وتستضيف تركيا ما يقرب من 3.7 مليون سوري. وبالإضافة إلى لنازحين على الجانب الآخر من الحدود، تعتني تركيا باحتياجات ما يقرب من 9 ملايين سوري، بحسب ما جاء على لسان سادات أونال.
وقال “التضامن الدولي وتقاسم الأعباء ضروريان لدعم البلدان المجاورة. وفي هذا الصدد، نتطلع إلى استمرار تعاون الاتحاد الأوروبي” داعيا إلى أن تكون “عودة اللاجئين الآمنة والكريمة وتسهيلها جزءا لا يتجزأ من جهودنا الشاملة لإيجاد حل دائم للأزمة السورية.”