خلال زيارة سابقة لوزيرة الخارجية الفرنسية إلى لبنان، أكتوبر 2022 (حسام شبارو/ الأناضول)
وصلت، بعد ظهر اليوم الاثنين، وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين، في إطار جولة تقوم بها على المنطقة لإجراء محادثات سياسية حول التطورات الفلسطينية وضرورة تجنّب اتساع رقعة النزاع.
وفور وصولها، صرحت كولونا بأن لبنان غارق بالفعل في الصعوبات و”سأدعو جميع الأطراف إلى تحمّل المسؤولية”.
وبعد لقائها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أبدت الوزيرة الفرنسية “قلقها من الأوضاع في المنطقة”. وقالت وفق البيان الصادر عن مكتب ميقاتي الإعلامي إن “فرنسا تؤيد اقتراح مصر عقد اجتماع لقادة بعض الدول العربية والأوروبية المعنية، بالإضافة إلى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، كما أنها تبذل جهداً لإيجاد إطار حلّ للقضايا المطروحة حالياً، والبحث في الحلول التي تمنع التصعيد غير المحسوب”.
وقالت كولونا: “يجب تلافي الحسابات الخاطئة والعمل على إبقاء جنوب لبنان خارج التشنجات، لأن الصراع الراهن قد يمتدّ لفترة غير محددة”.
من جهته، شدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، خلال استقباله كولونا، على “إجراء كافة الاتصالات والعمل الدؤوب من أجل بقاء لبنان في منأى عن التوترات في المنطقة”، معتبراً أن “وقف إطلاق النار يساهم في تحقيق هذا الأمر”.
وأكد ميقاتي، بحسب بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، “ضرورة تكثيف الاجتماعات الدولية والعربية رفيعة المستوى لتلافي التصعيد”.
بالتزامن مع زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية إلى بيروت، نظمت وقفة احتجاجية أمام السفارة الفرنسية في بيروت اعتراضاً على “تواطؤ الدول الأوروبية مع الاحتلال الإسرائيلي”.
ميقاتي: نواصل اتصالاتنا للحفاظ على الهدوء
في وقت سابق، أكد ميقاتي أنّ “الحكومة تواصل اتصالاتها داخلياً وخارجياً لإبقاء الوضع هادئاً في الداخل اللبناني قدر المستطاع، وإبعاد لبنان عن تداعيات الحرب الدائرة في غزة”.
وشدد في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، اليوم الاثنين، على أن “الاتصالات تجرى بعيداً عن الإثارة الإعلامية، حرصاً على نجاحها ولعدم إثارة الهلع عند الناس”، معتبراً أن “الاتهامات التي توجّه إلى الحكومة بالتقصير هي اتهامات سياسية للتحامل، ولا أساس لها على أرض الواقع”.
وخلال لقاءاته في السراي الحكومي، قال ميقاتي: “هناك وحدة لبنانية كاملة تضامناً مع فلسطين، لكن لا مصلحة لأحد في القيام بمغامرة فتح جبهة من جنوب لبنان، لأن اللبنانيين غير قادرين على التحمّل”، مضيفاً: “البعض يسأل عمّن بيده قرار الحرب والسلم، وفي الظروف الراهنة نحن نعمل للسلام، أما قرار الحرب فهو بيد إسرائيل، والمطلوب ردعها ووقف استفزازاتها لعدم خلق توترات”.
وأضاف “لبنان في عين العاصفة، والمنطقة ككلّ في وضع صعب، ولا يمكن لأحد أن يتكهّن بما قد يحصل”، لافتاً إلى أن “الأمور تقارَب وفق تغيّر الساعة وتتابع الأحداث، ولا أحد يمكنه توقع أي شيء، لكن الأكيد أن إسرائيل تسعى إلى مضاعفة استفزازاتها”.
ودعا ميقاتي إلى أن “تتوحّد الإرادات اللبنانية لانتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة جامعة لإظهار الحرص الكامل والجامع على الوطن”، سائلاً: “هل هناك أخطر من هذا الظرف ليتنازل الجميع عن شروطهم وينتخبوا رئيساً جديداً في أسرع وقت، وتكليف رئيس حكومة بتشكيل حكومة جديدة ومنحها الثقة سريعاً لتمكينها من العمل؟”.
وختم: “يبدو من خلال الاتصالات الإقليمية والدولية الجارية أن هناك ضغطاً كبيراً للتوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة. كما أنّ تصريح الرئيس الأميركي جو بايدن، فجر اليوم، بأنه لا ينصح إسرائيل بالدخول إلى غزة، وموقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والحركة الدبلوماسية الجارية عندنا، كلها عوامل تؤشر إلى الهدوء في حال وقف الاعتداءات الإسرائيلية”.
وفي وقت سابق، قال مصدرٌ دبلوماسي في السفارة الفرنسية في بيروت، لـ”العربي الجديد”، إن وزيرة الخارجية الفرنسية ستلتقي المسؤولين اللبنانيين لـ”حثهم على ضرورة تجنيب لبنان الانخراط في النزاع الدائر بين إسرائيل وحركة حماس، وعلى ضرورة ترجمة الحكومة موقفها الرسمي بالنأي بالنفس، والسعي جاهدة لتحييد حزب الله عن الصراع وإعادة الاستقرار إلى الحدود الجنوبية”.
وستشدد وزيرة الخارجية الفرنسية، بحسب المصدر نفسه، على “ما سبق أن أعلنت عنه الرئاسة الفرنسية بهذا الخصوص، كما ستنبّه إلى خطورة الأوضاع في الجنوب اللبناني، وإلى ضرورة وقف المواجهات بين حزب الله وإسرائيل، التي في حال توسّع رقعتها ستكون لها تداعيات كبيرة على لبنان الذي لا يحتمل الدخول بأي حرب، كما شعبه”.
وتلقى مسؤولون لبنانيون يتقدّمهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالتزامن مع بدء عملية “طوفان الأقصى”، في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، اتصالات خارجية دبلوماسية، من بينها فرنسية، “تحذّر من خطورة الوضع، وتحث لبنان على البقاء بمنأى عن الوضع المتفجر في فلسطين المحتلة، وتطلب السعي لتهدئة الأوضاع وضبط النفس”.
وعلى الرغم من إعلان لبنان سعيه لعدم الانجرار إلى حرب مع العدو الإسرائيلي وتأكيده أهمية تثبيت الاستقرار والسلم، بيّن المصدر أن “ميقاتي قال بشكل مباشر إن قرار السلم والحرب ليس بيده ولا بيد الحكومة”، مشيراً إلى أنه “لمس عقلانية وواقعية لدى حزب الله، لكنه لم يحصل على أي ضمانة من أحد بشأن تطورات الأمور، لأن الظروف متغيرة وعلى إسرائيل أن تتوقف عن استفزاز الحزب”.
وأشار مصدرٌ مقرّبٌ من ميقاتي، لـ”العربي الجديد”، إلى معرفة لبنان “الموقف الفرنسي مما يحصل في فلسطين المحتلة، ونحن نلتقي على ضرورة نأي لبنان بنفسه عن الصراع، خصوصاً أنه لا يحتمل الدخول في أي حرب بالنظر إلى أوضاعه وظروفه، لكن في المقابل، على الجهة الفرنسية أن تعلم بالانتهاكات المستمرة للعدو الإسرائيلي للبنان جواً وبراً وبحراً والاستفزازات التي تقوم بها، وبالجريمة الوحشية التي قام بها باستهدافه الصحافيين مباشرة ما أدى إلى استشهاد الصحافي عصام عبد الله وجرح صحافيين آخرين”.
وبدأت وزيرة الخارجية الفرنسية جولتها إلى المنطقة يوم السبت، مستهلة إياها من تل أبيب، حيث التقت نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، وأعلنت في أكثر من تصريحٍ لها تضامن فرنسا مع إسرائيل، واعتبارها أن “حق إسرائيل في الرد على الهجمات غير المسبوقة التي تعرّضت لها أمرٌ لا جدال فيه”.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية، السبت، أن “على اللبنانيين وحزب الله أن يبقوا في منأى عن النزاع بين إسرائيل وحماس”، معربة عن “قلقها البالغ حيال الوضع المتوتر على الحدود بين لبنان وإسرائيل”.
هدوء حذر على الحدود اللبنانية الجنوبية بعد ليل ساخن
ميدانيا، يسود هدوء حذر الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة منذ صباح اليوم الاثنين، بعد ليل ساخن ومتوتر، ارتفعت فيه حدّة المواجهات بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وتوسعت دائرة الاستهدافات لتصل إلى مقرّ قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) من دون تسجيل إصابات.
وقال مصدرٌ في الجيش اللبناني، لـ”العربي الجديد”، إن “دوريات مكثفة تقوم بها عناصر الجيش مع (يونيفيل)، على الحدود وفي كثير من البلدات الجنوبية الحدودية، ولا سيما تلك التي تعرّضت للقصف”.
وأشار إلى أن “هناك حركة نزوح سجلت أمس، بعدما وصل القصف الإسرائيلي إلى داخل بعض البلدات وطاول منازل يقطنها سكان، الأمر الذي دفع العديد من العائلات إلى المغادرة نحو مناطق آمنة”.
وشيّع حزب الله، أمس الأحد، عنصره علي يوسف علاء الدين الذي قتل من جراء القصف الإسرائيلي، فيما أكد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” البرلمانية النائب إيهاب حمادة أن “الرد من المقاومة سيكون بدل الصاع صاعين”.