-
إسرائيل اغتالت معظم قيادات حزب الله، بما فيهم حسن نصر الله، كجزء من جهود لتقليص نفوذ إيران.
-
الولايات المتحدة أيدت العملية ضمنياً عبر تصريحات ودعم عسكري لإسرائيل.
-
حزب الله يعد ركيزة لنفوذ إيران في المنطقة، خاصة في سوريا واليمن.
-
واشنطن تسعى لتفكيك النفوذ الإيراني في اليمن والعراق عبر دعم الحكومات المحلية وتقليص نفوذ الفصائل الموالية لإيران.
-
تصفية قيادات حزب الله قد تمنح بشار الأسد مساحة أكبر للتحرك بشكل مستقل عن إيران.
-
الفصائل المسلحة الموالية لطهران قد تعيد حساباتها في ظل غياب رد فعل إيراني قوي.
مع اغتيال زعيم حزب الله اللبناني، يبدو أن إسرائيل قد أتمت جزءًا كبيرًا من عملية استهداف القادة المؤسسين للحزب، وأبرزهم حسن نصر الله، إلى جانب فؤاد شكر وإبراهيم عقيل، اللذين شاركا في الهجمات الشهيرة عام 1983 ضد القوات الأمريكية في لبنان.
على الرغم من أن الولايات المتحدة نفت تلقيها أي إشعار من إسرائيل حول الهجوم الذي وقع في الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 سبتمبر الجاري وأسفر عن مقتل نصر الله، إلا أن نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، وصفت نصر الله بعد الإعلان عن مقتله بأنه “إرهابي”. كما اتهمته بأنه كان سببًا في مقتل العديد من الأبرياء في لبنان وسوريا وإسرائيل، مما قد يعكس موافقة ضمنية على العملية. يُذكر أنه قبل يوم واحد فقط من الهجوم، تلقت إسرائيل دعماً عسكرياً من الولايات المتحدة بقيمة 8.7 مليار دولار، وهو ما يثير تساؤلات حول نية واشنطن في إنهاء الصراع، بل قد يوحي بأن هناك جهوداً لتنظيم الصراع بما يخدم مصالح إسرائيل.
حزب الله والارتباط الوثيق بالنفوذ الإيراني
لا يمكن اعتبار حزب الله مجرد فصيل مسلح تدعمه إيران، بل هو أحد أعمدة السياسة الإيرانية في المنطقة. زعيم الحزب، حسن نصر الله، كان من الشخصيات المحببة والمقربة لدى القيادة الإيرانية، وخاصة لدى المرشد الأعلى، علي خامنئي. كما كانت له علاقة قوية مع قاسم سليماني، قائد فيلق القدس السابق، الذي لعب دورًا رئيسيًا في توسيع نفوذ إيران في العالم العربي قبل مقتله في غارة أمريكية عام 2020.
نظرًا للثقة الكبيرة التي منحتها طهران لحزب الله، تم تكليف الحزب بمهمات استراتيجية هامة، مثل التدخل العسكري في سوريا لمنع انهيار نظام الأسد. بعد ذلك، قام الحزب بالإشراف على تدريب وتطوير القدرات القتالية لجماعة الحوثي في اليمن. وكانت هناك قيادات من الحزب، مثل محمد إسماعيل علي، الذي كان مسؤولًا عن برنامج الصواريخ، وقد لقي مصرعه في غارات إسرائيلية مؤخرًا.
كما كلف الحرس الثوري الإيراني حزب الله بالإشراف على مواقع استراتيجية في سوريا والعراق، مثل مراكز الأبحاث في مصياف بريف حماة التي تعمل على تطوير الأسلحة، وقاعدة جرف الصخر في العراق، التي تعتبر نقطة تجمع لقوات فيلق القدس. تلك القاعدة تحتوي على مصانع للطائرات المسيرة والصواريخ وتستخدم لتدريب المقاتلين العراقيين والحوثيين قبل إرسالهم لمهام قتالية في اليمن وسوريا.
بالإضافة إلى ذلك، تُظهر الفصائل المسلحة الموالية لإيران في المنطقة احترامًا كبيرًا لحزب الله وتعتبره نموذجًا يُحتذى به، وخاصة جماعة الحوثي في اليمن وحركة النجباء في العراق، إذ يسعون إلى تقليد نهج الحزب والتقرب من إيران عبره.
محاولات أمريكية لتقليص الهيمنة الإيرانية في المنطقة
يبدو أن اغتيال قيادات حزب الله ليس جزءاً منفرداً، بل هو جزء من خطة أمريكية أشمل تهدف إلى تحجيم نفوذ إيران في الشرق الأوسط. فالولايات المتحدة تعمل بشكل متوازٍ على ملفات متعددة، مثل اليمن والعراق، من أجل فصل تأثيرات هذه الملفات عن بعضها البعض.
في اليمن، لعبت واشنطن دوراً بارزاً في دعم الجهود الأممية التي تهدف إلى إقناع جماعة الحوثي بالتركيز على الأوضاع الداخلية لليمن بدلاً من الانخراط في صراعات إقليمية. وفي نفس الوقت، استهدفت القوات الأمريكية مواقع حوثية بغارات جوية متزايدة منذ بداية هذا العام. كما دعمت واشنطن الحكومة اليمنية في اتخاذ خطوات اقتصادية صارمة بهدف تقليص قدرة الحوثيين على تمويل نشاطاتهم.
أما في العراق، فقد أغلقت الولايات المتحدة الحكومة العراقية، التي تهيمن عليها القوى المدعومة من إيران، في مفاوضات مستمرة حول مستقبل الوجود الأمريكي في البلاد. هذه المفاوضات شملت قضايا تتعلق بإعادة هيكلة القوات المسلحة العراقية تحت إشراف أمريكي، الأمر الذي دفع الفصائل الموالية لإيران إلى تخفيف تصعيدها ضد المصالح الأمريكية، حرصًا على الحفاظ على العلاقات مع واشنطن.
ومع تصفية نصر الله واغتيال القيادات الإيرانية المسؤولة عن العمليات في لبنان وسوريا، قد يجد الرئيس السوري بشار الأسد مساحة أوسع للمناورة، وخاصة أنه يميل إلى اتباع الرؤية الروسية التي تشجعه على الانفتاح على الدول العربية وتركيا. بذلك، قد يتمكن الأسد من التحرر جزئيًا من قبضة حزب الله، الذي كان في فترة ما أشبه بالوصي عليه لصالح إيران قبل التدخل الروسي في سوريا عام 2015.
من الممكن أن تؤدي تصفية قيادات حزب الله، مع غياب رد فعل إيراني كبير، إلى تغيير في ديناميكيات القوى في المنطقة. هذا الصمت الإيراني ربما يدفع بعض التنظيمات المسلحة الأخرى، وخاصة تلك في العراق، إلى إعادة حساباتها وضبط خطواتها بما يتماشى مع التغيرات السياسية والعسكرية الجديدة. هذا قد يشجعها على الحفاظ على قنوات اتصال مع الولايات المتحدة لضمان بقائها، في ظل تراجع قدرة إيران على تقديم الدعم الكامل.