يشارك في المؤتمر أكثر من 1000 شخص يمثلون أكثر من 85 دولة ومنظّمة، في ظلّ حاجة أكثر من 11 مليون سوري للمساعدات الإنسانية
على وقع طبول آخر معارك قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، لدحر تنظيم “داعش” من بلدة الباغوز شرق سوريا والقضاء عليه إلى حدّ ما، وفي ظلّ موجات النزوح الهائلة التي سبّبتها هذه المعارك منذ اندلاعها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع خروج أكثر من 59 ألف شخص من مناطق سيطرة “داعش”، ينطلق الثلثاء 12 مارس (آذار) المؤتمر الثالث “لدعم مستقبل سوريا والمنطقة” في العاصمة البلجيكية بروكسل، الذي بات يُعرف باسم المدينة.
أهداف المؤتمر
يستمرّ مؤتمر بروكسل الثالث حتى الخميس 14 مارس، بتنظيم وإدارة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ويهدف إلى حشد المجتمع الدولي من أجل بذل الجهود لدعم الشعب السوري، بالإضافة إلى التوصّل إلى حلّ سياسي دائم للأزمة السورية، في ظلّ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، المتخّذ في العام 2015 في شأن سوريا.
فمع دخول الحرب السورية سنتها التاسعة، تستمرّ الظروف الإنسانية لمواطنيها بالتدهور، مع حاجة أكثر من 11 مليون سوري للمساعدات الإنسانية ووجود أكثر 5 ملايين لاجئ سوري خارج بلدهم، وفق مجلس الاتحاد الأوروبي.
وعلى خطى المؤتمرين السابقين، ستتطرّق النسخة الثالثة إلى الظروف الإنسانية الحرجة التي يعانيها السوريون وقدرة المجتمعات المضيفة للاجئين، داخل سوريا وخارجها، على تحمّل أعباء الاستضافة. وسيجدّد المؤتمر حول سوريا، الذي لا تشارك فيه حكومة هذه الأخيرة، دعم المجتمع الدولي، السياسي والمالي، للدول المجاورة لسوريا، تحديداً لبنان والأردن وتركيا، كما سيلقي الضوء على جهود العراق ومصر في مساعدة السوريين.
وفي إضافة جديدة هذا العام، سيمنح مؤتمر “بروكسل 3” اهتماماً خاصاً لسماع وجهات نظر النساء السوريات في شأن ما عايشنَه خلال الحرب في بلادهم، وذلك خلال عشاء سيستضيفه مساء الأربعاء كلّ من وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني وموفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسن. وسيجمع العشاء قيادات نسائية من المجتمع المدني السوري ووزراء خارجية وممثلين عن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
برنامج المؤتمر
وفي ما يتعلّق ببرنامج المؤتمر الذي تشارك فيه أكثر من 85 دولة ومنظّمة، فستنطلق الحوارات يومي الثلثاء والأربعاء، بمشاركة أكثر من ألف شخص من ممثلين عن المجتمع المدني في سوريا والمنطقة، وممثلين عن وزراء وصنّاع القرار من الدول المجاورة لسوريا وعن الدول المانحة، بالإضافة إلى الجمعيات الإقليمية ووكالات الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي وحركة الهلال الأحمر. مع الإشارة إلى أنّ هذه النسخة من المؤتمر، ستؤمّن مساحة أوسع للمنظمات غير الحكومية وجمعيات المجتمع المدني، من النسختين السابقتين.
وستحوّل خلاصات هذه الحوارات إلى المناقشة السياسية خلال مؤتمر وزراء الخارجية في اليوم الثالث، الخميس، الذي سيتخلّله الجزء المتعلّق بالتعهدات المالية والتبرعات.
وإلى جانب فعاليات المؤتمر، ينظّم الاتحاد الأوروبي الثلثاء حدثاً تحت عنوان “مختبر سوريا الرقمي: إطلاق إمكانات الفضاء الرقمي السوري”، يهدف إلى اكتشاف سبل تطوير الحلول الرقمية لدعم سوريا وشعبها، بالإضافة إلى تمكين المجتمع المدني وحسّ المواطنة، وتعزيز روح المبادرة وإشراك الشباب والنساء. ويقام أيضاً حدث صباح الخميس تحت عنوان ” ضمان العدالة والسلام الدائم في سوريا”، بمبادرة من إمارة ليشتنشتاين وسويسرا وتسع دول في الاتحاد الأوروبي.
وبالإضافة إلى هذين الحدثين، يقيم عدد من جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والدول، نشاطات على هامش المؤتمر.
التعهّدات المالية للمؤتمرين السابقين
عُقد أوّل مؤتمر في بروكسل حول سوريا في أبريل (نيسان) في العام 2017، وحصد حينها تعهّدات بقيمة 5.6 مليار يورو (حوالي 6.3 مليار دولار أميركي) تُدفع كمساعدات للسوريين في العام 2017، وأخرى بقيمة 3.47 مليار يورو (حوالي 3.9 مليار دولار أميركي) لمساعدات بين العامين 2018 و2020.
أمّا المؤتمر الثاني في أبريل من العام 2018، فنجح في جمع المساعدات للسوريين داخل بلدهم وفي البلدان المجاورة، بما فيها المجتمعات المضيفة. وبلغت قيمة التعهدات فيه 3.5 مليار يورو (حوالي 3.9 مليار دولار أميركي) للعام 2018، و2.7 مليار يورو (حوالي 3 مليارات دولار أميركي) للعامين 2019 و2020.
نظرة الاتحاد الأوروبي إلى الحل
في ظلّ الحديث عن سعي دول عديدة إلى إقامة علاقات طبيعية مع النظام السوري، الذي يرأسه بشار الأسد، والكلام عن المباشرة بعملية إعادة إعمار سوريا، يبدو أنّ الاتحاد الأوروبي يسير في اتجاه معاكس تماماً.
فقد أكّدت موغيريني، خلال اجتماع وزراء الاتحاد وجامعة الدول العربية في 4 فبراير (شباط) الماضي، أنّه لا يمكن أن تنشأ علاقات طبيعية مع سوريا خارج حلّ سياسي لأزمتها، يتبلور تحت مظلّة الأمم المتحدة.
وقالت حينها إنّ “التفاوض على حلّ سياسي، تحت رعاية الأمم المتحدة، من شأنه وحده إحلال السلام في سوريا. هذا شرطنا الواضح والمسبق لإعادة إعمار سوريا وتطبيع العلاقات مع دمشق”.
اندبندنت عربية