المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي حذر من أن انعدام الأمن الغذائي في سوريا بلغ أعلى مستوى منذ بدء الصراع في العام 2011، وأوضح أن “هناك نحو 12.4 مليون شخص في سوريا لا يعرفون من أين ستأتي وجباتهم الغذائية”.
الشمال السوري- منذ أكثر من 3 أشهر لم تدخل إلى خيمة النازح السوري أحمد الرحمون أي معونة أو سلة غذائية من المنظمات الإغاثية التي تنشط في مناطق سيطرة المعارضة السورية شمالي البلاد، حيث أجبرته الظروف القاسية على الاستدانة لشراء بعض الطعام والشراب.
ويقسم الرحمون (51 عاما) أنه اقترض من جيرانه أمس الخميس 20 ليرة تركية (دولارين) لشراء ربطة خبز والقليل من البطاطا والطماطم لتحضير وجبة غداء لأسرته المكونة من 5 أفراد، يسكنون خيمة مهترئة في مخيم النصر بريف إدلب شمالي غربي سوريا.
ويقول الرحمون للجزيرة نت، وهو يغالب البكاء، إنه مصاب بحصى في الكلى ويحتاج إلى عملية جراحية سريعة لكنه لا يملك ليرة واحدة من كلفة العملية، وجعلته الإصابة عاجزا عن العمل ولا يعلم كيف سيؤمن وجبة الطعام الوحيدة لأسرته يوم الغد.
ويعتزم النازح السوري جمع بعض علب القصدير والكرتون من مصب القمامة القريب من المخيم، كي يبيعها ببضع ليرات يشتري بها بعض الطعام.
استبيان ووعود
ومنذ سنوات، تضطلع منظمات سورية عدة بتقديم المعونات الإغاثية لأكثر من مليوني نازح سوري يسكنون في مخيمات شمالي غربي سوريا، كما يحصل النازحون في المخيمات المسجلة رسميا لدى الأمم المتحدة على مساعدات دولية.
– سوريا – إدلب – أكثر من مليوني نازح سوري يسكنون في المخيمات ومعظمهم يعتمد على المساعدات الإنسانية في تأمين قوت يومهم. الجزيرة نت
أكثر من مليوني نازح سوري يسكنون بالمخيمات ومعظمهم يعتمد على المعونات لتأمين قوت يومهم (الجزيرة نت)
في حين لا تصل تلك المساعدات إلى نسبة كبيرة من النازحين، كون معظمهم يسكنون في مخيمات عشوائية لا يقدم لها أي دعم أو معونة، حيث يعتمد سكانها على معونات المحسنين.
ويشتكي نازحون من غياب المساعدات الإنسانية وتخلي المنظمات عنهم، في الوقت الذي تقوم فيه فرق منظمات سورية باستطلاع آراء الأهالي عبر استبيان وتقييم احتياجاتهم، مع منحهم وعودا بإيصال السلال الغذائية في أقرب فرصة.
وتشي وجوه الأطفال وضعف بنياتهم بحجم المأساة والكارثة الإنسانية التي تواجه مئات الآلاف من السوريين النازحين في أطراف الأراضي الزراعية والمنحدرات الوعرة.
ويقول حيان الشيخ، وهو نازح يسكن في مخيم الكرامة، إن المدنيين وصلوا إلى حد المجاعة والاكتفاء بأكل الخبز والقليل من الخضار النيئة، وكثيرا ما تطلب الأسر الفقيرة الطعام من الأسر التي يعمل أطفالها في البلدات القريبة من المخيم.
ويروي الشيخ للجزيرة نت كيف اضطرت أسرة من جيرانه إلى الاستدانة منه لشراء أدوية وأسطوانة أكسجين، لإنقاذ العجوز الذي داهمه فيروس كورونا المستجد وكاد يفتك به.
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة خفض محتويات السلة الغذائية التي تقدّم للنازحين في مناطق شمالي غربي سوريا قبل قرابة شهرين، وذلك للمرة الثالثة، وجاء الخفض في ظل تردي الحالة المعيشية وغلاء الأسعار وانتشار البطالة في المنطقة، وزاد من الأعباء على الأهالي انتشار جائحة كورونا وتسجيل عشرات الإصابات والوفيات كل يوم.
وقال مدير فريق “منسقو استجابة سوريا” محمد حلاج إن التخفيض الجديد للمنظمة الأممية بلغت قيمته 309 سعرات حرارية في السلة الواحدة، مشددا على أن ذلك لا يتناسب مع تقييم الاحتياجات الإنسانية في المنطقة، فضلا عن وجود عشوائية في اختيار مواد السلة الغذائية.
وحذر حلاج خلال حديث للجزيرة نت الجهات الداعمة من استمرار تخفيض حجم المساعدات للنازحين، الذي قد يتسبب في مجاعة وشيكة لا يمكن السيطرة عليها.
وكشف المتحدث نفسه أن نحو نصف مليون نازح في مخيمات شمالي غربي سوريا يعانون من نقص مادة الخبز، في ظل عجز المنظمات عن تأمين هذه المادة الأساسية.
يذكر أن المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيسلي حذر من أن انعدام الأمن الغذائي في سوريا بلغ أعلى مستوى منذ بدء الصراع في العام 2011، مشيرا إلى أن “هناك حوالي 12.4 مليون شخص في سوريا لا يعرفون من أين ستأتي وجباتهم الغذائية”.
المصدر : الجزيرة