وفي ظل ثورة سوريا المباركة اليوم.. تتساءل كل امرأة وصغيرة.. متزوجة وغير متزوجة.. تسعى لتقديم شيء لأمتها وشعبها.. ويتساءل مثلها الرجل الشريف.. ما الذي يمكن أن تقدمه زوجتي – أختي – أمي – ابنتي.. في مثل هذه الظروف؟ وكيف أتيح لها المجال وأشجعها؟ فالنسوة… السوريات
، لهن الفضل الكبير في تشجيع الرجال على الاستمرار في ثورة ربيع سورية مع العلم أن النساء السوريات منذ القدم تعاني من ظلم وجور النظام الاستبدادي البعثي الطائفي الأسدي البغيض الذي يحد من حرية الشعب السوري بشكل عامة والنساء خاصة ،وهنا نذكر بأحوال السجينات السوريات التي أودعن السجون من خلال تهم مفبركة أو لانتمائهم لأحزاب سورية محظورة “كالأحزاب الكردية ،والإخوان المسلمين”وهؤلاء السجينات يقبعن في السجون والمعتقلات السورية منذ العام 1970 .
النساء في سورية ، لم تغب عن الثورة فأصل اندلاع الثورة في درعا كان بالاضافة الى الاطفال اعتقال قوات الامن للنساء وكما لا يخفى على احد اعتقال قوات الامن لناشطات سياسيات في دمشق مثل سهير الاتاسي وغيرها , وقد خرجت اول المظاهرات النسائية في درعا في تشييع الشهداء كما خرجت النساء في بانياس وحمص وحلب ودمشق ودير الزور وإدلب وريف دمشق وكل مناطق سوريا لتثبت المرأة السورية انها ليست بعيدة عن ثورتها وانها تشارك الرجل جنبا الى جنب في هذه الثورة بل وانها تسبق الرجل في بعض المواقع مثبتة للجميع ان هذه الثورة هي ثورة شعبية بكل معنى الكلمة وليس كما يدعي النظام بان من يقوم بهذه المظاهرات هم عصابات مسلحة وطائفيون لا سلميون ,
هؤلاء النسوة هن حفيدات الخنساء التي فقدت أبنائها الأربعة في القادسية من أجل كلمة الحق والعدل ، هن حفيدات ميسون تلك الفتاة الناعمة،التي كانت سنة 607 هجرية قد فقدت إخوتها الأربعة، الذين توجهوا إلى ميدان الجهاد، فما عادت تسمع عنهم خبرًا، وذلك خلال الغارة الصليبية واجتياح أجنادها بلدان الشام كما أنهن حفيدات أمهات الأنبياء مثل هاجر وسارة وأسية ومريم وغيرهن من الطاهرات اللواتي ذكرتهم الكتب السماوية الثلاث .
ولكن مصابها في إخوتها قد أذابه هم آخر، هو هم العقيدة والوطن ، فقد تناهى إلى أسماعها نبأ زحف الصليبيين الفرنجة المعادين لأي عقيدة أو مبدأ أخلاقي إلى فلسطين واحتلالها .ولكن هم “ميسون” قد فاض من حناياها إلى أرض الواقع، فقالت: ماذا أقدم كيف أنصر عقيدتي وشعبي ، فإذا ببريق الفكرة تلمع في ذهنها: شعري، نعم شعري، ذلك الشلال الناعم الذي سأخلب به لب فارس الأحلام وزوج المستقبل، سوف أقصه وأجعل منه لجامًا لفرس تركض في سبيل الله، عله يكون شعلة تضرم النار في قلوب الفرسان.
فجزت شعرها وصنعت منه لجامًا، فإذا بهذا الوقود ينساب إلى قريناتها من الفتيات المؤمنات فصنعن مثل صنيعها في مشهد رائع خلده التاريخ
فأرسلن هذه اللجم إلى خطيب الجامع الأموي ـ سبط ابن الجوزي ـ فحمله إلى الجامع لصلاة الجمعة، ثم قام وخطب خطبة نارية تفتتت لها الأكباد، وتزلزلت لها القلوب، قد انتقلت إليه عبر المسافات هموم تجيش في صدر ميسون؛ فإذا بالكلمات تنطلق والصرخات تدوي بين جدران المسجد، تعبث بكيان الحاضرين ، فكان مما قاله: (يا من أمرهم دينهم بالجهاد ليفتحوا العالم ويهدوا البشر إلى دينهم، فقعدوا حتى فتح العدو بلادهم وفتنهم عن دينهم، يا من حكم أجدادهم بالحق أقطار الأرض، وحُكِموا هم بالباطل في ديارهم وأوطانهم، يا من باع أجدادهم نفوسهم من الله بأن لهم الجنة، وباعوا هم الجنة بأطماع نفوس صغيرة ولذائذ حياة ذليلة، يا أيها الناس ما لكم نسيتم دينكم، وتركتم عزتكم، وقعدتم عن نصر الله فلم ينصركم، وحسبتم أن العزة للمشرك، وقد جعل الله العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، يا ويحكم، أما يؤلمكم ويشجي نفوسكم مرآى عدو الله وعدوكم يخطو على أرضكم، التي سقاها بالدماء آباؤكم، يذلكم ويتعبدكم، وأنتم كنتم سادة الدنيا، أما يهز قلوبكم وينمي حماستكم أن إخوانًا لكم قد أحاط بهم العدو وسامهم ألوان الخسف، أما في البلد عربي؟! أما في البلد مسلم؟! أما في البلد إنسان؟! العربي ينصر العربي، والمسلم يعين المسلم، والإنسان يرحم الإنسان. ، أفتأكلون وتشربون وتنعمون وإخوانكم هناك يتسربلون باللهب ويخوضون النار وينامون على الجمر، يا أيها الناس: إنها قد دارت رحى الحرب، ونادى مناد الجهاد، وتفتحت أبواب السماء، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب فافسحوا الطريق للنساء يدرن رحاها، واذهبوا فخذوا المجامر والمكاحل يا نساء بعمائم ولحى، أو لا فإلى الخيول وهاكم هجمها وخيولها ، يا ناس أتدرون مما صنعت هذا اللجم وهذه القيود؟! لقد صنعها النساء من شعورهن!! لأنهن لا يملكن شيئًا غيرها يساعدن به فلسطين، هذه والله ضفائر ذوات الخدور التي لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفاظًا، قطعنها لأن تاريخ الحب قد انتهى، وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة، الحرب في سبيل الله، وفي سبيل الأرض والعرض، فإذا لم تقدروا على الخيل، تقيدونها بها فخذوها فاجعلوا ذوائب لكم وضفائر، إنها من شعور النساء، ألم يبق في نفوسكم شعور)، ثم ألقاها من فوق المنبر على رؤوس الناس، وصرخ: (تصدعي يا قبة النسر، وميدي يا عمد المسجد، وانقضي يا رجوم، لقد أضاع الرجال رجولتهم) ، وإزاء هذه الكلمات التي عصفت بكيان الحاضرين، صاح الناس صيحة لم يسمع مثلها، وهبوا ونهضوا لنصرة دينهم كالليوث، وتوافدت قوافلهم التي تنشد إحدى الحسنيين إلى ساحات الوغى، فأجلت كتائب التوحيد جند الصليبيبن إلى عكا.
إلا أن البعض لا يؤيد خروج الفتاة أو المرأة إلى المظاهرات خوفاً على عرضها وشرفها وسمعتها ، لذلك آثرت بعض النساء العمل في مجالات أخرى لا تقل أهمية في الثورة مثل ، تشجيع النساء ونشر الوعي بينهن في أنهن جزء لا يتجزأ من هذه الثورة .. وأنه واجب عليهن تقديم الغالي والنفيس لأجلها ، مثل زيارة عوائل الجرحى والأيتام والثكالى ، وتصبيرهم وإعانتهم بما يمكن ، واستغلال الانترنت بما يخدم الثورة .. مع أخذ الحيطة والحذر ، والإسعاف الأولي لمن يتقن ذلك وتعليمه للآخرين ، ورفع المعنويات وشحذ الهمم والهتاف للحرية والاشتراك في مواجهة الموت والرصاص بصدرهن وقلبهن على أمل أن ينلن الحرية السورية.
إنهن حرائر سوريا، اللواتي خرجن مع خروج المظاهرات السورية في بدايتها ، وتسمت إحدى جمع الثورة بإسمهن تحت اسم جمعة حرائر سوريا، للمطالبة بالإفراج عن الفتيات والنساء المعتقلات في السجون السورية حينها، لكن بدل أن تخرج أولئك دخل نساء جديدات إلى المعتقلات لتكتظ سجون النظام الأسدي بشابات في عمر الورود، وليصبح مع الوقت خبر اعتقال فتيات خبراً اعتيادياً يمر كغيره من أخبار القتل السوري الصلاة والعبادة تزيد من عزيمة أولئك النسوة كما أن تعلم فنون الدفاع عن النفس أمر محمود عند فقهاء الشريعة والثورة.
وإمداد المعتصمين والرجال الذين يحرسون الأحياء بالماء والغذاء ، كان للمرأة دور كبير فيه ، كما أن الكثير من النساء قمن بتصوير الكثير من الأحداث من داخل نوافذ منزلها وعملت على إيصاله إلى كل العالم أو الاحتفاظ به كدليل إدانة للشبيحة وعملاء النظام من الأمن الجيش الخائن .
كما عملت الكثير من النساء على التدوين وجمع المعلومات وكان سلاحها الكلمة والحرف والدعاء والذكر ، و بث الثقة بالنفس لمن حولها ورفع المعنويات . ، وكانت مترقبة لكل ما قد يحدث متقبلة بقلب صابر فالتضحية كان عنوان الثورة السورية في فكر وعقل المرأة السورية .
ويعود هذا بالأساس إلى حالة الوعي التي بدأت تسود وتتبلور في المجتمعات العربية النائية عامة وسوريا خاصة فالمطالبة بالحرية والديمقراطية والمساواة والتطلع نحو التطور الاجتماعي،والذي أصبحت هذه المطالب، مطالب طبيعية في ظل العولمة التي يعيش العالم في ظلها،لكن هذه المطالب اصطدمت بأنظمة استبدادية قمعية تحاول منع تحقيق هذه المطالب من خلال الإرهاب والفتك بالشعب .
لقد شاركت النساء في المظاهرات والمسيرات التي تشهدها قرى ومدن سورية بطريقة مميزة من خلال الهتافات، وصناعة الشعارات والخروج إلى الشوارع بظل القمع والقتل والبطش الذي يقوم به النظام السوري الأسدي على يد عصابات وفرق الموت وكتائبه الأمنية والشبيحة التي يرعاها النظام وقد رفعت اللافتات التي كتب عليها المرآة تريد تغير النظام وهكذا فلم يكن نصيب النساء من جرائم النظام أقل من الرجال ، لقد تعرضت النساء في المظاهرات الاحتجاجية لإطلاق الرصاص الحي الذي أرداهن قتيلات وجريحات ،فمظاهرة بناياس النسائية التي سقط فيها العديد من الشهيدات والجريحات وتم اعتقال الناشطة السياسية كاثرين التللي حيث كن يطالبن بالأفراج عن أبنائهن وأزواجهن وأخوانهن من معتقلات وباستيلات النظام الإرهابي الأسدي، ،وكذلك خروج النساء في شوارع درعا لفك الحصار عنها وتحرير أبنائهن وأخوانهن وأزواجهن من معتقلات العسف الأسدي ، ومظاهرة دمشق للنساء الصامتات ، ومظاهرة السويداء النسائية بالشموع ، فلم تكن هذه النسوة والفتيات من هن من العصابات الإرهابية كما ادعى النظام الأسدي ذلك .
لقد رفضن الالتزام والصمت بعد أن قاد الرجال في البداية الاحتجاجات المطلبية ،لكن مع اعتقال العديد منهم،ومقتل المئات ،أجبرت النساء السوريات عندها الى تحمل العبء وتولت تنظم الحركات الاحتجاجية تضامنا مع المعتقلين أو مع من قتلوا، فالاحتجاجات النسوية التي عمت بلدات ونواحي سورية، ساهمت بشكل فعلي في تسليط الضوء على ما يحدث في سوريا ، فكان رد النظام الإرهابي باستهدافهن بطريقة وحشية وفتاكة.
بنفس الوقت وبظل العنف الذي يمارسه النظام ضد السوريين الأحرار، لكن النساء في ثورة سورية حظين بحرية كبيرة جدا من خلال العمل السياسي في أوساط الجماهير الشعبية الثائرة الذي فرضن عليه تقدير دورهن المميز،لقد عملت النساء في الصحافة الالكترونية، وفي إعداد تقاريرها،وكتبن مقالاتهن،كإعلاميات ومدونات وناشطات حقوقيات وسياسيات، وهذا ما عرض الكثير منهن للاعتقال التعسفي، والإهانات الأدبية والأخلاقية والجسدية، التي تعرضن لهن والتي فرضها عناصر النظام الأمني عليهن،ومحاولة منع حرية التعبير ولجم الكلمة الحرة وإخماد دورهن ، وكمثال عن تلك الحرائر سهير جمال الأتاسي وناهد بدوية وسيرين خوري وربا اللبواني ودانة إبراهيم الجوابرة وفهيمة صالح اوسي (هيرفين) ونسرين خالد حسن ووفاء محمد اللحام وليلى اللبواني وصبا حسنو ، ورزان زيتوني وفرح البقاعي وكامنة العبدالله، ودانة جوابرة ، وطلي الملوحي ، الطفلة بنت الثامنة عشرة التي عذبت وما يزال أمرها مجهول في سجون النظام الأسدي بعد أن اتهمها النظام بأنها جاسوسة ، وكانت تبيع شرفها لجهات خارجية غير سورية إضافة إلى النساء الكرديات السجينات في سجون النظام الأسدي الإرهابي .
ومنهن من رفضن الصمت وساندوا الثورة السورية علنا ” كالمغنية السورية أصالة نصري،والممثلة القديرة منى واصف وكندا علوش وجمانة مراد،والإعلامية رولا إبراهيم وأخريات كثيرات غيرهن
فالنساء السوريات لهن دورا كبيرا في صناعة الثورة السورية الحالية ، من خلال مشاركتهم المباشرة أو الغير مباشرة ،
والكثير من الحرائر كن يدفع فلذات أكبادهن إلى ساحة الجهاد، أو المساهمة الميدانية في أعمال الثورة كالدعم الفني الطبي ، والأخلاقي، وتزويد الرجال بالماء والطعام . والصبر المتعالي على تضميد الجراح الذي فرضها النظام عليهن من خلال تلقي جثت الأقارب والأصدقاء، والمثابرة على دفن الموتى والأحزان والجراح.
المرأة السورية هي ليست تابعة للحراك الثوري وإنما جزاء أساسي من حركة التغير التي تسود البلاد والرافضة لسيطرة الاستبداد والشمولية والطائفية التي تفرض على سورية، رغم أنها قبل كل ذلك تفجع بابنها وزوجها. وأبيها ……
ولا ننسى الشهيدة البطلة زينب الحصني حيث أعلن شقيقها عن اختطافها ومن ثم تقطيعها في مشهد لا يمكن أن يمتّ للإنسانية بصلة، ما جعل المنظمات الإنسانية تطالب النظام السوري حينها بمعرفة حقيقة ما حدث مع زينب، لتظهر شبيحة شبيهة بزينب على القنوات السورية الرسمية معلنة أنها هربت من بيت أهلها لأنهم عاملوها بعنف، وهو ما كذبه الناشطون الثوار مؤكدين حينها أنهم عثروا على جثة زينب مقطعة، ولاتزال إلى الآن قصة زينب غامضة ترزح تحت تأكيد ونفي رواية النظام الرسمية.
لقد أصبحت الحرائر في سوريا يزغردن لسماع خبر استشهاد أحد أبنائهن،ويخرج صوتهن عالياً هاتفين لسوريا وحريتها وكرامتها، ويطالبون بأخذ ثأرهن من قاتل الطفل والزوج والأخ ومن اللافتات التي رفعتها أيدي حرائر الشهباء اليوم في مظاهرتهن في حي الفرقان …./ لم نربي اولادنا ليقتلوا من اجل سوريا على يد السوريين بل ليعيشوا من اجل سوريا مع السوريين/
لقد مضى عام على انطلاقة الشرارة الأولى للثورة السورية، وهي الشرارة التي انطلقت بعفوية وتلقائية دون تخطيط أو إعداد مسبق، لكنها صادفت قلوبا صادقة، وأنفسا تأبى المهانة، وبدأت هذه الشرارة مع الوقت تتسع حتى أصبحت كالطوفان الهادر يقتلع نظام الظلم والطغيان والفساد والطائفية ، فكان للمرأة خلال هذا العام دور محوري ورئيسي في دعم الثورة، فالمرآة هي الأم التي تدفع أبناءها وفلذات أكبادها للخروج والتظاهر والوقوف في وجه الطغيان ، فهناك مئآت الأسماء من النساء السوريات اللاتي جددن سيرة الخنساء أم الشهداء وميسون وخولة، من أمثال والدة الشهيد “مصعب الشيخ” في حي باب عمرو، فهي عندما سمعت بخبر استشهاد زوجها صلت لله ركعتين شكراً، ثم قالت لأولادها الخمسة: أريدكم أن تخرجوا وتقتلوا في سبيل الله … ثم يأتيها الخبر باستشهاد ابنها فتصلي ركعتين شكرا لله تعالى، وعندما هددوها بقتل بقية أولادها لم تهتز، وأخذت تدعو عليهم بحرقة أن يزيلهم الله من سماء الشام. ومن أمثالهن: الحاجة “رشيدة الياسين” زوجة الشهيد: الحاج محمود البويضاني، ووالدة الشهيد: عبد الوكيل البويضاني و جدة الشهيد: خالد البويضاني، وخالة الشهيد: أبو هشام البويضاني، و أم الناشط: عبد الحميد البويضاني، ومن أمثالهن خنساء كفر الطون، وهي أم لأربعة شهداء: أحمد الأسعد، ورضوان الأسعد، ومحمد الأسعد، وفراس الأسعد. ومن أمثالهن: أم أحمد هواش الحريري التي كانت تردد وتقول عند مقتل ابنها: “هي لله يا ابني هي لله”. وغيرهن كثير لا يعلمهم الناس.
والمناضلة الحرة الأستاذة فاتن رجب فواز حيث علم المرصد السوري لحقوق الإنسان أن جهازا أمنيا في مدينة دوما اعتقل الناشطة في الحراك الثوري فاتن رجب فواز منذ يوم الاثنين 26/12/2011 ولا يزال مصيرها ومكان اعتقالها مجهولين ، الجدير بالذكر أن الناشطة فاتن مدرسة فيزياء ومن أبرز الناشطات في مدينة دوما وشقيقة أول شهيد في الثورة السورية سقط في المدينة وهي يتيمة الوالدين وعليه فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان طالب الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بالتدخل الفوري لدى السلطات السورية من أجل الإفراج عن الناشطة الحرة ، وغير الأستاذة فاتن الكثير من الحرائر اللواتي أبين إلا أن يخيم ربيع الحرية على سوريا وشعبها والأجيال السورية القادمة فتحمل التنكيل والسجن والتيتم والثكل – مثل بيان حرائر ريف دمشق المنشور في صفحات الأنترنت- أن يساندن الثورة السورية بكل الوسائل الممكنة حتى تحقيق النصر أو الموت دون ذلك .
والمرأة السورية هي الزوجة التي تودع زوجها عند باب البيت أثناء خروجه للتظاهر، وهي تدرك أنه ربما لن يعود، وأن هذا قد يكون الوداع الأخير، لكنها مع هذا تتظاهر بالجلد والصبر والثبات، حتى لا ينهار الزوج و تشد على يده وتصبره.
كما برز دور المرأة السورية خلال عمليات النزوح الجماعي إلى الأردن، وتركيا، ولبنان، فآلاف المهجرات هن من يتحملن العبء الأكبر من أعباء الحياة في ظل المجتمع الجديد في مخيمات اللاجئين، فرغم صعوبة الحياة وشظف العيش في هذه المخيمات إلا أن المرأة هي الرافعة الحقيقية للأسرة السورية، فهي التي تربي أبناءها على الصبر والتجلد والثبات والتكيف مع هذا الواقع الجديد، وتزداد المهمة صعوبة في حال فقدان العائل، كما رفعت اللافتات التي كتب عليها /المرأة تريد تغير النظام/ ولافتات أخرى كتب عليها “اقتلوني ولكن يرحل”.
لقد بدأ النظام في الشهور الأخيرة إلى أشد الوسائل إجرامية ودناءة ليفت في عزيمة حرائر سورية، من خلال عمليات الاغتصاب وهتك العرض التي تكررت في أكثر من منطقة ، وقد أكد شيخ ثوار الثورة السورية هيثم المالح أنه في أعقاب أحداث بابا عمرو التي قمعها النظام بشكل وحشي وممنهج خرجت من حمص ستون فتاة تتراوح أعمارهن بحدود سبعة عشر عاماً وهنّ حاملات اغتصاباً من عناصر النظام وشبّيحته؟ رادا على دعاة الحوار مع النظام الإرهابي الأسدي بقوله / هل تستطيع أن تطلب ممن اغتصبت ابنته أمام عينيه أن يحاور مغتصبها؟ لا يوجد خطة للتحاور مع الأسد، والحل لن يكون إلا بتسليح الجيش الحر، حتى يسقط النظام، هذا هو الحل الوحيد لنا لندافع عن أعراضنا وشرفنا وكرامتنا ، وفي السجون السورية الكثير من الناشطات السوريات اللواتي تعرضن للإغتصاب في نظام بشع لم يشهد العالم عبر تاريخه الطويل نظاما أشد إجراما من عصابة الأسد الطائفية الإرهابية .
وهذه قصة من مئات القصص التي تتعرض لها المرأة السورية، والقصة تداولنها عدد من مواقع الانترنت لامرأة من الشام عفيفة منتقبة تبلغ من العمر خمسين سنة، قضت صباها في حفظ القرآن، وأكملت كهولتها في تحفيظه، وشغلها القرآن عن الثورة والسياسة وأحداثها، فكان القرآن مؤنسها والمثبت لها طيلة الأشهر الماضية، حتى اختطفها النظام الطائفي الأسدي الإرهابي ، وعصبوا عينيها، وأوثقوا يديها، وجردوها من جميع ملابسها، ورموا بها في غرفة مملوءة بنساء مثلها، صالحات عفيفات قد جردن من ملابسهن بالكامل ، منهن شابات في العشرين والثلاثين، ومنهن كهلات في الأربعين والخمسين، وكانت الواحدة منهن تقاد مكرهة إلى غرفة الضباط والجنود ليفحصوا جسدها فيختارها أحدهم فيخلو بها، وهكذا دواليك حتى جاء دورهذه المرأة فلم يرغب أحد منهم فيها لكبر سنها، فعصبوا عينيها وحملوها عارية ورموها في العراء، فمر بها رجل وفك وثاقها وخلع ثيابه فسترها بها، وهي منذ هذه الحادثة تبكي بكاء مراً على ما نالها وأخواتها من الإهانة، وتتمنى الموت السريع ليطفئ الموت ما في قلبها من لوعة.
لكن حتى هذه القذارة لم تفت في عضد السوريات، بل قد زادت من عزمهن وإصرارهن على مواصلة ثورتهن حتى النصر أو الشهادة، فقد أصدرت حرائر سورية بيانا أعلنت فيه عزمهن على مواصلة ثورتهن رغم ما يتعرضن له. مؤكدات أن خيارهن هو حمل السلاح للدفاع عن الأعراض والأطفال ، فتشكلت أولى كتائب الجيش الحر من الجنس اللطيف في درعا وعاهدن الثوار في كل أنحاء سوريا على المضي قدما حتى تحرير كامل التراب السوري من دنس النظام الأسدي الطائفي .
فالمرأة السورية هي عزة سوريا وكرامتها، وهي الوقود الحقيقي للثورة، فهي صانعة الأبطال الشجعان، وهي الزوجة والأم والشهيدة والفدائية والمناضلة، ولن تضيع تضحيات المرأة السورية سدى، فلسوف تنتصر الثورة بالقدرة الإلهية العادلة مهما طال الظلم، ففي تاريخ العالم لم ينتصر حاكم على شعبه الثائر مهما كان طغيان هذا الحاكم وجبروته ..
لا يمكن لأي سوري يدرك الواقع الصعب الذي تعيشه الأسرة السورية منذ عقود أن ينكّر الدور الكبير للمرأة ، ففي غالب الأحيان كانت المرأة هي الرافعة الحقيقية التي منعت السقوط المريع لآلاف الأسر السورية في بئر الفقر والحاجة والتشرد، ومهما تبجح النظام الأسدي الطائفي بمسألة نيل المرأة لحقوقها في ظل حكم حزب البعث ووصول عدد من النساء إلى مناصب عليا في الدولة ، فإنّ الواقع الحقيقي للمرأة السورية ينافي تلك الصورة التي دأب إعلام النظام على تلميعها بمشاركة من بعض من النساء من طائفة أو شبيحات النظام الطائفي اللواتي كنّ يسعيّن إلى مزيد من المكاسب التي اكتسبنها دون الالتفات إلى الواقع المرير للآلاف من النساء السوريات في الضواحي وأطراف المدن والقرى.
وكأنّ هؤلاء يسقطن من حساب مؤتمرات المرأة وقضاياها .. آلاف من الأميّات في مدننا وقرانا ..وآلاف من الأرامل يربين أيتاماً بلا معيل، وآلاف من اللواتي يغادرن بيوتهن مع شروق الشمس ولا يعدن إلا مع غروبها وهنّ يقمن بالأعمال الزراعية التي تحتاج إلى جهد عضلي كبير يعجز عنه الرجال أحياناً ..
تعجن المرأة الفلاحة في سوريا تراب الأرض بعرقها لتستنبته خيراً وخبزاً يكفي عائلتها ذل الحاجة ، تعيل أخوات وبنات وأمهات أسر بأكملها من خلال العمل الزراعي الذي يمتد طوال العام ويواصلن مهمتهن كربات بيوت بعد العودة من المزارع بفرح كبير وقدرة مذهلة على العطاء؟؟
كل هؤلاء النسوة لا تتكلم عنهن مؤتمرات قضايا ومثلهن الآلاف يعملن في مصانع النسيج والأحذية والمنتجات الكيماوية والغذائية في ظل ظروف صحية وبيئية خطيرة أحياناً مقابل اجور زهيدة جداً، وفي بعض مناطق سوريا الزراعية المنتجة لبعض أنواع الصناعات الغذائية تقوم تلك القطاعات بشكل كامل على جهد المرأة ، وفي كثير من المناطق ما كانت لتقوم زراعة ولا ما يستتبعها من إنتاج لولا جهد المرأة ، وهي ذات المناطق التي تفتقر إلى أبسط مؤسسة حكومية تلبي احياجات المرأة حيث لا مراكز صحية حقيقية ولا مراكز للأمومة والطفولة ليتضاعف عذاب المرأة وقهرها وحتى أحياناً موتها ؟؟ فكم من امرأة توفيت خلال ولادة عسيرةلأنها لم تصل إلى مستشفى مدينة مجاورة ؟؟ وكم منطقة زراعية تغيب عنها أماكن التطعيم والتوعية والعناية بصحة المرأة وأطفالها …
كما أن تلك المناطق ذاتها والتي يقوم عليها جزء كبير من اقتصادنا الوطني هي التي تفتقر إلى أماكن التعليم والتعليم البديل وحتى محاولة وجود أبسط البدائل التي تكفي المرأة التي تعيل أسرتها أبسط احيتاجاتها ؟؟ ومع ذلك لم تعوّل المرأة على الدولة ومؤسساتها ..تعلمت صبايا سوريا كل المهن النسائية البيتية من خياطة وتطريز ونسيج،كل ذلك لتتجنب الحاجة وطلب المعونة وتحمي أسرتها وتصون كرامتها وكرامة عائلتها ..وإلى جانب ذلك كله تقوم بواجب تربية الأبناء والأخوة .. هؤلاء الأبناء الذين ثاروا على الظلم والطغيان وسطروا أروع قصص الشجاعة والتفاني ليعبروا بالفعل عن البيوت التي ربتهم والنساء التي أنجبتهم .
المرأة السورية المتعلمة والمثقفة لم تكن بأقل كفاحاً ونضالاً بأشكاله المتعددة ، وخاصة لجهة الوقوف إلى جانب قضايا أهلها وأبناء شعبها ، وقد كشفت الثورة السورية عن وجوه مشرّفة وناصعة البياض سيسجلها التاريخ كصفحات تتشرف بها سوريا ، عشرات الصبايا من الكاتبات والإعلاميات والطبيبات والحقوقيات يتحديّن الظلم والقمع والقهر كل يوم مقابل فضح أفعال النظام ، ومنهن من تعرضن للاعتقال والتعذيب وتهديد عائلاتهن وقطع أرزاقهن وفصلهن من العمل وخاصة من ينتمين إلى طوائف يظن النظام إنها معه مثل أخواتنا المسيحيات أو الموحدات الدرزيات ، أو الإسماعيليات وغيرهن من الطوائف الثائرة ضد نظام الطائفية البغيض .
حتى أن طائفة النظام العلوية برز قليل من حرائرهن اللواتي تعرضن إلى التهديد والاعتقال والضغط على عائلاتهن لأنهن شكلن عنصراً فعالاً في الثورة من خلال المشاركة في المظاهرات وزيارة بيوت العزاء ، وفضح همجية النظام بكتابتهن، وأثبتن إنه نظام ليس له طائفة إلا طائفة الفساد والبغي والجور ، ووصل الأمر حتى الطعن بشرفهن وسمعتهن وفبركة القصص الدنيئة التي لا تعبر إلا عن أخلاق راويها ،وكون هذا النظام الفاسد بلا أخلاق ولا يملك أيّ قيمة إنسانية اتخذ من النساء رهائن لكي يتوصل إلى ذويهن من أخوة وآباء ناشطين أو اعتقل ذويها لإجبارها على تسليم نفسها للأمن، فكلنا يعرف قصة الناشطة رزان زيتونة كيف اعتقل زوجها وأخيه كي تسلم نفسها ، وكلّنا يعرف الجريمة الدنيئة التي ارتكبت بحق الشهيدة زينب الحصني التي اختطفت وبقيت رهينة ليسلم أخاها نفسه للأمن ومن ثم يصفي الأمن أخيها الشهيد محمد الحصني ويقتل زينب ابنة التاسعة عشر ويمثل بجثتها بطريقة يندى لها جبين الإنسانية ..
ولم تكن المرأة السورية ضحية أفعال النظام وسلوكه من اعتقال وتعذيب فقط، وإنّما كان للمرأة حصتها من الشهادة وقد تشرفت عشرات النساء بذلك، وكانت أول شهيدات الثورة الشهيدة حميدة النطرواي “الفياض” من مدينة تلبيسة التي صفيّت هي وابنها وهي عائدة من العمل في مزارع البيوت البلاستيكية بمدينة بانياس، لتوالى بعدها قافلة الشهيدات من درعا وريف دمشق وإدلب وجسر الشغور ودير الزور والرستن وكل مكان قال للقتلة لا نريدكم أن تحكمونا ..
آلاف الشهداء تركن نساءهن أرامل وأمهات لأطفال، و غالبيتهن في أعمار الصبا وأطفالهن في عمر الطفولة المبكرة .. وتصمد المرأة السورية أمام كل هذا ..آلاف الشهداء تشيعهن الأمهات بالدعاء وطلب الرحمة ويشيعن أحزانهن إلى أرواح ستبقى هائمة فوق المقابر حتى تلحق بفلذات الأكباد … آلاف الأخوة تبكيهن الأخوات فإذا غاب السند فمن لي بعد أخي وشقيق روحي ؟..مئات الأحبة فقدتهن الخطيبات والحبيبات .. لتستقبلهن عتمة القبور وليضيؤوا أيام سوريا وكرامتها بنور الشهادة.
آلاف المهجّرات مع عائلاتهن في الأردن ولبنان وتركيا وضمن مناطق سوريا الداخلية ..أصبحن نسياً منسياً من منظمات حقوق المرأة السورية والطفل والهلال الأحمرالسوري ، وغيرها من جمعيات نسائية انتشرت في عهد بشار الأسد كالفطر ليتبين إنها ليست سوى جمعيات للبحث عن مصالح شخصية ومكاسب لاعلاقة للمرأة على أرض الواقع بها ..
ولم يكتفِ النظام الفاجر بتشريد النساء وعائلاتهن بل جند وسائل إعلامه لتشويه سمعتهن من خلال مداخلات أبواقه المدافعة عنه فمرة يقال إنهن نساء المسلحين ، ومرة تشوه سمعتهنّ ومن خلال شراء ذمم بعض الإعلاميين الأتراك – من طائفة النظام – أو اللبنانيين – من حزب الله اللبناني أو حركة أمل – الذين أشاعوا أنباء عن اغتصاب النساء في المخيمات وتشغيلهن بالدعارة ورغم نفي الأهالي لتلك التقارير ونفي وزارة الخارجية التركية وفتح تحقيق بذلك إلا إن إعلام النظام ينتج البرامج الحوارية والندوات حول هذا الموضوع ..وكأنّ هناك من يصدقهم غير أزلامهم وأبواقهم .. ولأن المرأة هي جرح الرجل ونقطة ضعفه ومقتله دائماً يلجأ أزلام النظام الفاجرين إلى طعن المعارضين بنسائهم وتشويه سمعتهم … وصدق من قال : “ما أشطر المومس في الحديث عن الشرف” .
وستبقى المرأة السورية صامدة بشموخها وعزتها وكرامتها المصونة ورأسها مرفوع عالياً رغم أنف المجرمين والقتلة وعديمي الأخلاق والإنسانية … المرأة السورية هي مجد سوريا القادم لأنها مصنع الأبطال الشجعان الذين واجهو أعتى الآلات العسكرية بصدروهم العارية وعندما كانوا يعودوا شهداء كانت تتلو لهم النساء الأدعية وتحوّل جنازاتهن إلى أعراس بزغاريدهن ويفخرن بأنهن قدمن الشهداء ..وعندما استشهدت زينب الحصني خرجت كل النساء لتقول كلنا زينب ..ودم زينب دمنا … من يعرف أي امرأة هي المرأة السورية سيدرك تماماً نهاية النظام الفاسد الحتمية فالمرأة عندما تهز سرير طفلها بيدها اليمنى فإنها تهز العالم بيدها اليسرى ..وهاهي المرأة السورية تهز العالم بيمناها ويسراها .
تقابل الموت في أبشع صوره كل لحظة.. تحتسب فلذات أكبادها شهداء عند الله سواء كانت مسلمة أم مسيحية أم درزية موحدة أم غير ذلك ، تتظاهر وتصمد أمام النيران والقصف والترويع، وتحرض أهلها وأبناءها على الصمود والثورة.. إنها المرأة السورية، التي تضرب أروع نموذج للمرأة الثابتة الحافظة لدينها المحبة لوطنها ، رغم أن النظام الإرهابي الأسدي من جانبه لا يتورع عن معاقبتها بأكثر الطرق خسة فيقتل ويحرق، يخطف ويغتصب، يقصف ويشرد، يحاصر ويُجَوّع.. ولكنها تصبر ، حتى أن عجوزاَ عمرها 80 عاما استشهدت في بانياس بطلق ناري في الفك وسقط طقم أسنانها وتبعثرت دمائها على الأرض. لتروي أرض سوريا من أجل مستقبل الأجيال القادمة لتمتعوا بالحرية والكرامة والإنسانية والحياة الحرة .
هي التي تصبر وتحتسب عند فقد وجراحات الأبناء والبنات، هي أم “تامر الشرعي”، و”حمزة الخطيب”.. وآلاف الشهداء، هي أم المعتقلين من الأطفال والكبار فلا تجزع بل تعتصم بالله فيربط على قلبها.
دور المرأة في الثورة السورية ألخصه في مشهد واحد عندما انطلقت المظاهرات في حي “المزة” الذي يطل عليه القصر الجمهوري، وكانت هذه المظاهرات طعنة في قلب النظام، وعندما أطلق الرصاص الكثيف على المتظاهرين ثبتت المرأة السورية أكثر من الرجل، ثبتت ولم تتحرك وواجهت الرصاص بشجاعة مذهلة.
المرأة السورية تتكيف الآن مع ما يشبه العصر الحجري لتطعم أسرتها، تطهو على الأحجار والأخشاب، وتلهي أبناءها عن الجوع بغلي الماء في القدر كما في القصة الشهيرة للفاروق عمر بن الخطاب الذي كان يتفقد أحوال رعيته فيحمل على ظهره الدقيق والزيت والتمر خوفًا من الله وأداءً للأمانة.
سوريا كانت على مر العصور أرض الخير والنعمة والحضارة، والآن هذا النظام المجرم أفقر الشعب السوري وجعله يستجدي الطعام ويستجدي الماء، فأهل حمص يذيبون الثلج حتى يشربون الماء ، فالوضع مأساوي جدًا.. فلا يوجد طعام، ولا يوجد دواء، والبرودة قارسة تصل في بعض المناطق إلى درجات تحت الصفر، والنظام مع ذلك لا يريد أن يبقي غطاء لأسرة، في “إدلب” على سبيل المثال يخرجون الأسرة من البيت ويحرقونه ولا يقتلونهم، يتركونهم يعيشون بلا مأوى لتعذيبهم وإذلالهم..إنه يسعى لإرجاع الخوف إلى القلوب، ويعتقد أن الأنظمة العربية الساقطة فشلت في التوحش الكافي لردع شعوبها، فيتعامل بغباء شديد ولا يفهم أن الشهداء هم وقود للثورة، فالذي يفقد أهله ويرى أقرب الناس إليه يقتلون بوحشية لن يبكي على الحياة، ولن يهنأ له عيش.. إنه نظام واهم، ويتصور أن التعامل مع ثورة شعب كالتعامل مع ملف منشقين و أزمته اليوم أصبحت مع الجميع أنه ساقط لا شك ولو لم يبقى سوى طفل واحد سيظل ثائرًا.
إن ضبط الحدود ليس سهلا على أمن النظام، نعم حدث أكثر من مرة هذا الأمر، ولكن لا يمكنهم ضبطه، وقيامهم بهذا من أجل الخلاص من الثوار والمعارضين، وفي نفس الوقت تهديدهم بإبقاء أسرهم في الداخل، لتحجيم نشاطهم وجهودهم في الدول التي يذهبون إليها لدعم الثورة، فهذا النظام يستخدم التخويف بكل صوره، والإنسان أكثر ما يخاف عليه العرض، فإبقاء النساء والبنات من أجل تهديد الناشطين.
والبعض يتحدث عن احتجاز “بشار الأسد” لأهالي وأسر القيادات العسكرية في الجيش ووضعهم في فيلات تحت الحراسة المشددة، وتهجير البعض إلى دول حليفة حتى يضمن ولاءهم.
الأن المرأة السورية تقديم الملابس و تطهو الطعام للجيش السوري الحركما كانت جداتها خلال الثورة السورية الكبرى ضد الانتداب الفرنسي ، مثلما فعلت المجاهدة المرحومة فاطمة عبد الرزاق ناجي شقيقة المجاهدين المرحومين خالد ودرويش وزوجة المجاهد المرحوم عبد القادر ناجي .
الآن تخجل المرأة السورية من التبضع واقتناء الزينة والملابس والحلي كما كانت قبل الثورة ، فكثير من الثائرات السوريات يمتنعن عن التسوق كي يقدمن المال الذي وفرنه لدعم الحراك الثوري ، كما أن جلسات النساء اليوم وسمرهن قد تحولت إلى ندوات سياسية و حوارات فكرية يتخللها نوع من الفن من خلال ترديد أغنيات الثورة..
وعن دور المرأة والتحديات التي تواجهها في ظل الثورة السورية، أقام معهد السلم في واشنطن محاضرة بعنوان دور وتحديات المرأة السورية خلال الثورة وذلك بمناسبة يوم المرأة العالمي استضاف خلالها مجموعة من النساء السوريات تحدثن عن أهم هذه التحديات وعن مستقبل المرأة في سوريا الجديدة ، حيث أكدت الناشطة فرح الأتاسي أنه لا داعي للخوف من الإسلامين سواءاَ في سوريا أو حتى في البلدان العربية على مستقبل المرأة لأن الإسلام الحقيقي عزز المرأة وكرمها. الإسلام هو العدالة الإجتماعية وهو الذي ضمن حرية كافة الطوائف والديانات. الحركات الإسلامية التي نجحت في الإنتخابات بسبب عدة عوامل اجتماعية وسياسية يعرفها الجميع بأنها كانت منظمة لذا فإن المرأة السورية الآن يجب أن تكون في الطليعة وأن تكون في الصدارة لأن الإسلام كرم المرأة وحررها ومنع وأدها فالإسلام الحقيقي لن يمنعها من المشاركة في صنع القرار وهذا هو دور المرأة في سوريا المستقبل ، كما أكدت الناشطة رشا الأحدب المحامية وعضو المكتب القانوني في المجلس الوطني وعضو في منظمة نساء من أجل سوريا حرة ترى أنه يجب التفرقة بين الأشخاص المتطرفين وبين الإسلام السياسي ويجب على الشعب بكافة طوائفه أن يكون واعٍ لتجاوز أي أزمة يسعى النظام لخلقها بين الطوائف بما فيها دعم التيارات المتطرفة فالإسلام دين وحدة ومساواة والمرأة كانت إلى جانب الرجل في المعارك منذ زمن الصحابة ولهذا فلا خوف من التيار الإسلامي، كما يروج لذلك النظام الأسدي الطائفي ليخيف بقية الطوائف في المجتمع السوري لأن سوريا المستقبل هي دولة القانون ، كما أكدت الناشطة رفيف جويجاتي عضو في لجان التنسيق وعضو في منظمة ناشطون من أجل سوريا حرة تقول إن سوريا الديمقراطية الجديدة سوف تقف على مسافة واحدة من جميع المواطنين بغض النظر عن عرقهم أو دينهم أو جنسهم، كما أكدت الناشطة رجاء التلي أحد أعضاء المجلس الوطني أنه لا يوجد تخوف من امتداد التيار الإسلامي لأن سوريا الحديثة ستكون دولة قانون والجميع تحت سقف هذا القانون
كما أكدت الناشطة السورية منتهى الأطرش، الناطقة باسم المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية)، أنه في ظل ثورة الشباب القائمة في سوريا لم تقصر المرأة السورية في المشاركة بتقديم الدعم للثورة في عدة مجالات قدر استطاعتها، مشيرةً إلى أنها تعرف الكثير من النساء اللواتي يقمن بجمع التبرعات وزيارة المصابين في المناطق المنكوبة مثل حمص والرستن وحماة وباقي الأماكن التي تتمكن من الوصول إليها.
وقالت إنها شخصياً قدمت …برفقة بعض الفتيات بالذهاب إلى مجالس العزاء وزيارة أهالي المصابين في حرستا ودوما والقابون والكسوة ومساكن برزة، وكانت آخر زياراتها يوم الجمعة الماضي، حيث شاركت برفقة النساء في تشييع شهداء منطقة الزبداني، معتبرةً نفسها بمثابة الأم لكل الشباب الذين يحملون أرواحهم على أرواحهم وأضافت أن مشاركة المرأة السورية في مراكز القرار في ظل الحكم القائم بقيت خجولة ومقتصرة على بعض المستفيدات اللواتي يلتفون لإرضاء الحاكم، وأنها بالرغم من عملها في مؤسسات الدولة لأكثر من 30 عاماً لم تسمح لنفسها بأن تكون صاحبة القرار في أي حكومة تحت ظل آل الأسد كونه شيئاً اعتبرته مخالفاً لمبادئها.
ومن جانبها، اعتبرت الشابة رنا الشلبي، التي اعتقلت في مظاهرة المثقفين السوريين في حي الميدان، أن المرأة مثلها مثل الرجل تشاركه يداً بيد في الحراك.
وأضافت أن “الشابة والفنانة السورية فدوى سليمان التي تنتمى إلى الطائفة العلوية الحاكمة على سبيل المثال تقود التظاهرات في حي الخالدية”، مؤكدة أن المرأة تشكل نصف المجتمع ومن ثم فإن مشاركتها في الحراك الشعبي ضرورة.
وعن التخوف من فوز الإسلاميين مستقبلاً وتجريد المرأة من الحريات الشخصية، أكدت رنا أنه لا خوف من المستقبل طالما يوجد قانون ودستور يحترم جميع المذاهب والمشارب الدينية والانتماءات العرقية”.
وأكدت الناشطة هرفين أوسي، العضو في تيار المستقبل الكردي، أن المرأة لعبت دوراً بارزاً في كافة ثورات الربيع العربي، وفي سوريا برز هذا الدور ليس فقط بالتظاهر في الساحات وإنما جاء دورها الأهم كأم ربت جيلاً استطاع أن يقود الثورة ، وإن المرأة قادرة على تحمل المسؤولية في مناصب قيادية بكفاءة مماثلة للرجال تماماً.
مما سبق نستنتج أن دور المرأة السورية في هذه الثورة السورية المباركة هو دور محوري ، وأن نضالها إلى جانب الزوج والابن والأخ هو نضال متكامل ، وهو نضال سيصنع مستقبل سوريا الجديدة في الحرية والعدالة والديمقراطية والكرامة ، لذلك فنحن نناشد كل أحرار سوريا في الداخل والخارج أن ما أصاب حرائر سوريا من جرائم نظام الأسد وشبيحته والواجب الديني والوطني والإنساني يحتم ويفرض علينا أن نقف الى جانبهن .ونساندهن ونواسيهن ونشفي جراحهن فإنهن طاهرات عفيفات لم يرضين بالذل والهوان وطالبن بالحرية والكرامة ونالهن مانالهن من أذى هذا النظام المجرم الذي لم يوفر طفلا ولا شيخا ولا شابا ولا امرأة ولا عجوز ومن جرائمهم أنهم انتهكوا أعراض الطاهرات في لمدن سوريا وريفها وواجب الأحرار أن يقفوا إلى جانبهن وخاصة الشباب بالزواج منهن فإنهن طاهرات كل الطهر والعار كل العار على أولئك المجرمين الذي سيأتي الاقتصاص منهم عاجلا أم أجلا ،لأن ديننا الحنيف عودنا دائما على فعل الصواب ونصرة المظلوم وإغاثة الملهوف لكي تنشأ فكرة العدالة للوصول إلى حياة صادقة ناجحة مبنيه على المبادئ والقيم والأخلاق لإحقاق الحق والنصرة ويجب أن نكون صادقين مع أنفسنا ويجب أن نضع أنفسنا مكان الآخرين ونشعر بما أصابهم من ضرر ونساندهم ونحن مؤتمنون على هذا ، أما من يناصر النظام بالمال و قتل الأبرياء سواء بالتبليغ أو المشاركة بالقتل وهم كلهم شركاء بالقتل فسوف يحاكمون ويلقون ما يستحقون من جزاء حسب القوانين و الأعراف لأننا وبعد عام كامل من الحزن والقهر و التنكيل و سفك الدماء وانتهاك الأعراض فقد وضح السبيل ووضحت الحقيقة .. والحق بين و الباطل بين ومن اتبع الحق فقد فاز و من رضي بالباطل واتبعه قد خسر ، من هنا فلا نقبل باللون الرمادي فمن ليس مع الثورة فهو خانع مستسلم لا أهمية له لدى الثوار ولدى النظام الإرهابي الطائفي ، فالموقف لا يحتمل التلاعب والمياعة لأن الثورة هي ثورة الحق ضد الباطل من أجل إقامة الحق والحرية والكرامة من أجل أن تعيش الأجيال القادمة شامخة أبية تحظى باحترام شعوب العالم كاملة ، ليفتخر الإنسان أنه سوري وأن سوريا بلد الكرامة والاحترام لا بلد الخنوع والذل والهوان .