الإثنين, ديسمبر 23

يتدهور الوضع الإنساني في سورية تدهورًا شديدًا مع دخول النزاع عامه الحادي عشر.
تشير توقعات الأمم المتحدة إلى أنّ عدد الأشخاص الذين سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية سيبلغ 13،4 مليون شخص في عام 2021، ويبلغ عدد الأشخاص النازحين داخليًا منهم 6،5 ملايين شخص.

ويتفاقم هذا الوضع بفعل استمرار النزاع، إذ أسفر الهجوم الأخير الذي شنه النظام السوري بدعم من حلفائه على شمال غرب سورية عن نزوح زهاء مليون شخص وأودى بحياة المئات من المدنيين بين شهري كانون الأول/ديسمبر 2019 وآذار/مارس 2020. وقد اتسم هذا الهجوم بانتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، ولا سيّما الغارات الجوية التي تعمّدت استهداف المستشفيات والمرافق الصحية.

وتفاقم الوضع كذلك بفعل تعذر إيصال المساعدات الإنسانية على نحو كاف. ويمثل تجديد مجلس الأمن الدولي لآلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود في تموز/يوليو 2021 أولوية بالنسبة لفرنسا، بوصفها السبيل الوحيد الذي يتيح الوصول إلى السوريين الذين يعيشون في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

وتواصل فرنسا التزامها في سورية وفي البلدان المضيفة من أجل التصدّي لحالة الطوارئ التي يواجهها السكّان السوريون.

أعلنت فرنسا في الدورة الخامسة لمؤتمر بروكسل المعني بتقديم المساعدة لمستقبل سورية والمنطقة التي عُقدت في 30 آذار/مارس 2021، تخصيص مساعدات بقيمة 560 مليون يورو للفترة 2020-2022 من أجل التصدي للأزمة السورية.

دعم من تبقّى من السكّان في سورية

تواصل فرنسا التزامها ودعمها على الصعيد الإنساني نظرًا إلى المحنة التي يرزح تحت وطأتها الشعب السوري، إذ قرر رئيس الجمهورية الفرنسية في عام 2021 وللعام الرابع على التوالي، تخصيص مساعدات إنسانية استثنائية لسورية يبلغ قدرها 50 مليون يورو. ولن تشارك فرنسا وشركاؤها في تمويل إعادة إعمار سورية ما لم تستهل عملية سياسية حازمة تتماشى مع القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وسخّرت فرنسا بين عامي 2018 و2021 مساعدات إنسانية طارئة ومساعدات إرساء الاستقرار بقيمة 200 مليون يورو، وهو ما يتصدر قائمة الميزانيات التي تخصصها فرنسا للمساعدات الإنسانية في العالم.

وتركّز الدعم على الاحتياجات الإنسانية الماسّة خصوصًا في شمال غرب سورية وشمال شرقها من المأوى والمياه والنظافة الصحية والمرافق الصحية والصحة والتعليم والأمن الغذائي والحماية وسلع الإغاثة الأساسية. ويُقدّم الدعم الفرنسي في إطار الاحترام الكامل للمبادئ الإنسانية ومبادئ الحياد والنزاهة والاستقلالية.

في شمال غرب سورية، تمّ تمويل ما يقرب من 50 مشروعاً لعامي 2018 و2019 لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة للسكّان. وعانت هذه المنطقة بالفعل من العديد من المآسي وموجات متلاحقة من نزوح السكّان وترزح منذ كانون الأول/ديسمبر 2019 تحت وطأة أشدّ أزمة إنسانية منذ بداية النزاع.

وخُصص في عام 2020 مبلغ بقيمة 25 مليون يورو لصالح هذه المنطقة قُدم منها مبلغ 4 ملايين يورو لمواجهة جائحة فيروس كورونا مباشرةً.

واحتلت فرنسا في عام 2020 المرتبة الرابعة في قائمة الجهات المساهمة في صندوق المساعدات الإنسانية عبر الحدود لسورية الذي يُعنى بتمويل مشاريع تقديم مساعدات طارئة متعددة القطاعات في شمال غرب سورية.
في شمال شرق سورية، تركز المعونة الفرنسية على تحسين ظروف معيشة السكان على نحو مستدام من خلال برامج الصحة والنظافة الصحية وتوفير مياه الشرب والمأكل وسلع الإغاثة الأساسية وتحقيق الانتعاش على وجه السرعة. ويمثل إرساء الاستقرار في المناطق التي حررها التحالف الدولي من قبضة تنظيم داعش محورًا رئيسًا للتدخل الفرنسي في سورية.
تولي فرنسا أهميةً كبيرة إلى دور المرأة ودور وسائط الإعلام المستقلّة والحوار بين الطوائف والقضايا المتعلّقة بالانتخابات ومكافحة إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب في جميع الأراضي السورية، وبالتالي فهي تدعم المجتمع المدني السوري المستقل.

توفير الدعم لبلدان المنطقة

يبلغ عدد اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة 5،6 ملايين شخص.

ويحول استمرار النزاع والسياسة القمعية التي ينتهجها النظام في المناطق الواقعة تحت سيطرته دون عودة اللاجئين عودةً طوعية ومستنيرة وآمنة وكريمة على النحو المنصوص عليه في القانون الدولي.

ولجأت الأغلبية الساحقة من السوريين إلى البلدان المجاورة مثل لبنان وتركيا والأردن.

وتلتزم فرنسا بالوقوف إلى جانب اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء التي كانت غالبًا تعتريها الهشاشة قبل اندلاع النزاع، وذلك من خلال دعمها المنظمات غير الحكومية العاملة في المنطقة ومساهماتها في وكالات الإغاثة الإنسانية المتخصصة التابعة للأمم المتحدة مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وتحقيقًا لهذه الغاية، تمول فرنسا هبات ترمي إلى دعم المشاريع في البلدان المجاورة لسورية التي تستضيف اللاجئين، ولا سيّما لبنان والأردن، والتي بلغت قيمتها ما يزيد على 90 مليون يورو في عام 2020 وتم إيصالها أساسًا عبر مبادرة “مينكا – السلام والقدرة على الصمود” الخاصة بالوكالة الفرنسية للتنمية. وتقدم فرنسا مساعدتها أيضًا في شكل قروض لدعم الاقتصاد الأردني في استضافته للاجئين.

وقدّمت فرنسا في عام 2019 أكثر من 150 مليون يورو لمرفق استقبال اللاجئين في تركيا الذي أُنشئ عقب البيان المشترك الصادر عن الاتحاد الأوروبي وتركيا في عام 2016.

وأخيرًا، تخصص فرنسا منذ عام 2016 ما يزيد على 7 ملايين يورو لبرامج المنح التي تقدمها الحكومة الفرنسية بدعم من الوكالة التنفيذية كامبوس فرانس لتمويل الدراسة في فرنسا لأكثر من 250 سوريًا من جيل الشباب لجأوا إلى الدول المجاورة لسورية.

ومن الأمثلة على دعم فرنسا الى الجهات الفاعلة الملتزمة بالعمل من أجل الشعب السوري في مجال الصحة : تحشد المنظمة غير الحكومية الفرنسية “اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الصحية” كل جهودها من أجل تدريب مقدمي خدمات الرعاية الصحية وضمان انتفاع المتضررين من النزاع، خصوصا الفئات المستضعفة، بالرعاية الطبية.

المصدر الدبلوماسية الفرنسية
شاركها.

كاتب وباحث في العلاقات الدولية . عضو الرابطة الألمانية للصحفيين .مساهمات في الإذاعة والتلفزيون .مدافع عن حقوق الإنسان ومؤسس ورئيس المركز العربي الأوربي للدراسات (AECS). عمل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان . مؤلف ومشارك في العديد من التقارير والتحقيقات ومساهم فيها . سياسي سوري معتقل عدة مرات

اترك تعليقاً