الملخص التنفيذي،
- سوريا أصبحت ساحة مواجهة بين إيران وإسرائيل.
- الغياب الكامل للدولة السورية في هذا الصراع.
- تأثر الدول العربية الأخرى بالصراع.
- إيران أصبحت لاعبًا رئيسيًا في المنطقة.
- غياب الدولة المركزية في بعض الدول العربية.
- التطبيع مع إسرائيل كوسيلة لمواجهة التهديد الإيراني.
- الحاجة إلى إحياء التضامن العربي لحماية الأمن العربي المشترك
سورية ساحةَ مواجهة إيرانية إسرائيلية .
تحوّلت سورية إلى ساحةَ مواجهةٍ بين إيران واسرائيل، ليس للنظام السوري أيّ دور أو حضور فيها. وكشف قصف إسرائيلي لمبنى القنصلية الإيرانية، مطلع الشهر الماضي (إبريل/ نيسان)، في وسط العاصمة دمشق، غياباً تامّاً للدولة السورية، التي يُفتَرَض أنّها صاحبة السيادة، وعليها تقع مسؤولية التصرف تجاه العدوان. وكان لافتاً أنّ أوّل من ظهر على مسرح الحدث هو السفير الإيراني، وليس أيّ مسؤول سوري، سياسي أو أمني. وعلى نحو متأخّر، خرج وزير خارجية النظام فيصل المقداد ليصرّح بأنّ إسرائيل لن يكون في مقدورها التأثير في العلاقات بين سورية وإيران.
أصبحت بعض البلدان العربية في قلب النزاع، كما هو حال سورية، ولبنان، والعراق، واليمن، وبعضها الآخر متأثراً بها مباشرة؛ الأردن ودول الخليج. وكلما ارتفع منسوب المُواجهة، وجدتْ هذه البلدان نفسها في وسط المعمعةِ أو على حوافّها، وما تشهده الأراضي السورية من استباحة من إسرائيل، مثال مُعبّر عن هذه المعادلة، التي تزداد تعقيداً مع الوقت، وذلك بسبب كثرة الأهداف الإيرانية التي تواصل إسرائيل ضربها، وغياب سلطة سورية تتّخذ موقفاً يتناسب مع التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية. ومن المعروف أنّ إسرائيل تحتلّ الجولان السوري، لكن ما يحصل من مواجهاتٍ لا صلة له بذلك، ولا يُذكر، وقد حوّلت إيران وحزب الله مناطق قريبة من الجولان قواعد عسكريةً، لكن ليس بهدف التحرير، وإنّما لخدمة أجندات إيران.
شئنا أم أبينا، صارت إيران لاعباً رئيسياً في المنطقة، منذ أن دخلت على خطّ الصراع العربي الإسرائيلي، وبات لها فيها موطئ قدم، وما كان لذلك أن يحصل لو لم تتوفّر لها عواملُ مساعدةٍ، ولعلّ أكثرها أهمّية غياب الدولة المركزية التي تتحكم في شؤون سيادتها، كما هو حاصل اليوم في سورية ولبنان، إذ تمكّنت إيران من تشكيل تنظيمات عسكرية موالية، كحزب الله في لبنان، ومن السيطرة على القرار في سورية. وقد اكتسب الحضور الإيراني زخماً كبيراً خلال العقدين الأخيرين، وشكّلت وفاة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد انعطافة كبيرة على هذا الصعيد. فهو كان حليفاً قوياً لإيران، لكنّه لم يكن يتسامح في شؤون السيادة، مثل نجله الذي ورث الكرسيّ، وأصبح مديناً لإيران ببقائه في موقعه. وليس سِرَّاً أنّ إيران حمت نظام بشّار الأسد من السقوط في العقد الماضي، ووفّرت له إمكانات مالية وبشرية من أجل إفشال الثورة، مقابل أن يقدّم لها التسهيلات العسكرية والأمنية التي تحظى بها الآن. وهناك حقيقة لا يريد أحدٌ من العرب أن يعترف بها، وهي أنّ مستوى التغلغل الإيراني في سورية ارتفع طردياً مع تخلّي العرب عن واجبهم تجاه إحدى دُولِهم الرئيسية، ولو أنّ الجامعة العربية، والدول العربية ذات التأثير، تبنّت المسألة السورية، لما وصلنا إلى ما نحن فيه، ولكانت ساعدت السوريين في الوصول إلى حلّ يقطع الطريق أمام التدخلات الأجنبية الإيرانية، والروسية، والتركية. إنّ سلبية العرب وعدم النهوض بدورهم تجاه بلدانهم، وتقصيرهم الفادح في مساندة بعضهم بعضاً، لن يُساهم في تعميق الحضور الإيراني في العالم العربي فقط، بل بدأ يشكّل ذريعةً للتطبيع مع إسرائيل من منطلق مساعدة بعض العرب لمواجهة مخاطر التهديد الإيراني، وهذه مسألة ضررها أكبر، لأنّ إسرائيل التي تمارس الأبارتهايد في فلسطين، لن تكون عوناً لبلد عربي يريد حماية نفسه من خطر خارجي، بل ستتحوّل الاستعانة بها إلى نوع من الوصاية، والبديل عن هذا كلّه إحياء التضامن العربي، السبيل الوحيد لحماية الأمن العربي المشترك من المخاطر الخارجية، سواء جاءت من إسرائيل أو من إيران.