يُثير موضوع سحب ودائع السوريين في المصارف اللبنانية جدلاً واسعاً، وسط تباين في التقديرات حول حجم هذه الودائع، وتأثير السحب على الاقتصاد السوري. يناقش هذا التقرير واقع هذه المسألة، مُسلطاً الضوء على التحديات المُقيدة لعملية السحب، والمبالغة في توقعات تأثيرها على الاقتصاد السوري، مُقترحاً بعض الحلول البديلة لتحسين الأوضاع.
أولاً: تحدياتٌ مُقيدة لعملية السحب:
- التعميم رقم 166:
يُحدد هذا التعميم الصادر عن مصرف لبنان المركزي سقف السحب الشهري بـ 150 دولاراً فقط، مع استثناء أصحاب الحسابات الذين قاموا بتحريك شيكاتهم أو حولوا إيداعاتهم من الليرة اللبنانية إلى الدولار بعد أكتوبر 2019. يُشكل هذا التعميم قيداً كبيراً على قدرة المودعين على سحب أموالهم، خاصةً مع قلة المبلغ المُسموح به، وشروط الاستثناء المُعقدة.
- الوضع الاقتصادي في لبنان:
يعاني لبنان من أزمة اقتصادية خانقة، أدّت إلى انهيار العملة ومنع معظم المودعين من سحب مدخراتهم. تُشكل هذه الأزمة عائقاً أمام إمكانية سحب السوريين لودائعهم بشكلٍ سهل وسريع، خاصةً مع قلة السيولة النقدية في لبنان، وصعوبة تحويل الأموال إلى الخارج.
- القيود المفروضة من قبل المصارف اللبنانية:
تُفرض العديد من القيود على سحب الأموال من قبل المصارف اللبنانية، مثل:
* **رسوم عالية على السحوبات:** تُفرض رسوم عالية على كل عملية سحب، مما يُقلّل من المبلغ المُستلم فعلياً من قبل المودع.
* **صعوبة تحويل الأموال:** تُواجه عملية تحويل الأموال إلى الخارج العديد من الصعوبات، خاصةً مع قلة السيولة النقدية، وضوابط التحويلات المالية.
* **تأخير في تنفيذ عمليات السحب:** قد تتأخر عملية سحب الأموال من قبل بعض المصارف، مما يُعيق حصول المودعين على أموالهم في الوقت المناسب.
ثانياً: مبالغةٌ في توقعات تأثير السحب على الاقتصاد السوري:
- تقديراتٌ مُبالغٌ فيها:
تتباين التقديرات حول حجم ودائع السوريين في المصارف اللبنانية، بين 20 و42 مليار دولار، بينما تُشير دراسات أخرى إلى 45 مليار دولار. قد تكون هذه التقديرات مُبالغٌ فيها، ولا تُعكس حجم الودائع الفعلي، خاصةً مع عدم وجود إحصائيات دقيقة، وسرية المصارف اللبنانية.
- تأثيرٌ محدودٌ على الاقتصاد السوري:
يُشكّل مبلغ 150 دولاراً شهرياً قيمةً ضئيلةً مقارنةً باحتياجات الأسرة السورية، خاصةً مع ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الليرة السورية.
- عوامل أخرى تُؤثر على الاقتصاد السوري:
يُؤثر العديد من العوامل على الاقتصاد السوري، مثل:
* **الحرب الأهلية:** تُشكل الحرب الأهلية العامل الرئيسي في تدهور الاقتصاد السوري،
* **العقوبات الدولية:** تُعيق العقوبات الدولية عملية إعادة إعمار سوريا، وتُؤثّر على حركة التجارة والاستثمار.
* **الفساد:** يُعدّ الفساد من أهم العوامل المُعيقة لنمو الاقتصاد السوري،
ثالثاً: حلولٌ بديلةٌ لتحسين الاقتصاد السوري:
- إعادة النظر بالمناخ والقوانين الاقتصادية:
يجب على الحكومة السورية التركيز على تحسين المناخ الاستثماري ووضع قوانين اقتصادية تُشجع على جذب الاستثمارات،
حلولٌ بديلةٌ لتحسين الاقتصاد السوري:
- تعديل سعر الحوالات الخارجية:
يُمكن للحكومة السورية تعديل سعر الحوالات الخارجية ليُصبح مُقارباً لسعر الصرف بالسوق، ممّا يُساعد على زيادة تحويلات المغتربين، ودعم الاقتصاد السوري.
- محاربة الفساد:
يجب على الحكومة السورية العمل على محاربة الفساد، وتحسين الشفافية في إدارة الدولة، ممّا يُساعد على جذب الاستثمارات وتحسين الأوضاع الاقتصادية.
- دعم القطاعات الإنتاجية:
يجب على الحكومة السورية التركيز على دعم القطاعات الإنتاجية، مثل: الزراعة والصناعة، ممّا يُساعد على خلق فرص عمل جديدة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض المنتجات.
- التعاون مع الدول العربية:
يُمكن للحكومة السورية تعزيز التعاون مع الدول العربية، خاصةً دول الخليج العربي، ممّا يُساعد على جذب الاستثمارات، والحصول على مساعدات مالية.
خاتمة:
يُواجه موضوع سحب ودائع السوريين في المصارف اللبنانية العديد من التحديات، ممّا يجعل تأثيره على الاقتصاد السوري محدوداً. يجب على الحكومة السورية التركيز على إيجاد حلولٍ بديلةٍ لتحسين الاقتصاد السوري، مثل: تحسين المناخ الاستثماري، ومحاربة الفساد، ودعم القطاعات الإنتاجية، وتعزيز التعاون مع الدول العربية.