اختتمت الهيئة السورية للتفاوض اجتماعها الدوري في جنيف يوم السبت الماضي، والذي استمر لمدة يومين. خلال الاجتماع، تم مناقشة الوضع السياسي في ظل الفشل في تحقيق أي نتائج إيجابية في المسار السوري وملف المعتقلين.
في بيانها الختامي، أكدت الهيئة أنه على الرغم من جهود المبعوث الدولي إلى سوريا، غير بيدرسن، لتحقيق التقدم، فإنه لم يتمكن من تحقيق أي نتائج إيجابية، خاصة في ملف المعتقلين واستمرار الانتهاكات بحق السوريين وقصف النظام السوري في إدلب. كما أشارت الهيئة إلى عجز مجلس الأمن عن تمديد فترة القرارات الخاصة أو إصدار قرار جديد بشأن وصول المساعدات الإنسانية الآمن والمستمر عبر الحدود إلى محتاجيها كافة، مما يتطلب من المبعوث الخروج عن صمت استمرار النظام في تعطيل جهوده.
دعت الهيئة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، ومبعوثه بيدرسن وأعضاء مجلس الأمن “لتحمل مسؤولياتهم تجاه مأساة السوريين واتخاذ خطوات جديدة لتنفيذ قرار 2254 بسلاله الأربع”.
وفي هذا السياق، ينص قرار مجلس الأمن الدولي 2254، الذي استند إلى بيان جنيف 1 الذي صدر في منتصف عام 2012، على “تشكيل هيئة حكم ذات مصداقية، وتشمع الجميع وغير طائفية”، و”اعتماد مسار صياغة دستور جديد لسورية في غضون 6 أشهر”. وجدّد القرار دعم مجلس الأمن الدولي إجراء “انتخابات حرّة ونزيهة على أساس الدستور الجديد في غضون 18 شهراً تحت إشراف الأمم المتحدة”. ولكن كل ذلك لم يتحقق حتى اليوم بسبب تعنت نظام بشار الأسد.
وطالبت الهيئة بعقد جلسة خاصة لمجلس الأمن حول العقبات التي تواجهها العملية السياسية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن، وسبل حلها بحضور الهيئة. وشددت الهيئة على أهمية وفاء “الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة والدول الأعضاء بالتزاماتها تجاه حقوق اللاجئين والمهجرين والنازحين بالحماية وتأمين احتياجاتهم”.
وحثت على “إطلاق آليات تحقيق العدالة والمحاسبة عما ارتكب ويرتكب من جرائم ضد الإنسانية بحق السوريين”.
واستقبلت الهيئة يوم الجمعة الماضي في جنيف، مبعوثي الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وهولندا، وسويسرا، والاتحاد الأوروبي، وتركيا، وإيطاليا، والدنمارك، وكندا، ومصر وقطر، إلى سورية إضافة إلى مبعوث الأمم المتحدة بيدرسن، وبحثت معهم تطورات العملية السياسية في سورية.
وحذر رئيس الهيئة بدر جاموس خلال الاجتماع، من خطورة جمود العملية السياسية في سورية، ورفض النظام لأي خطوات جدية على طريق تطبيق القرار الدولي 2254، “بينما يعيش الشعب السوري اليوم مأساة العصر”، مشددا على ضرورة “اتخاذ خطوات أكثر فاعلية من أجل دفع العملية السياسية، والتأكيد على أهمية تحقيق تقدم ملموس في ملف المعتقلين والكشف عن مصير آلاف المغيبين قسراً في سجون نظام الأسد ووضع آلية دولية لمحاسبة المتورطين في هذه التصفيات الجماعية بحق السوريين”.
وفي تعليقه على اجتماعات جنيف، قال رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة إن اجتماعات الهيئة ركزت على “العقبات التي تعترض العملية السياسية، وضرورة فتح حوار صريح مع المبعوث الدولي غير بيدرسن بشأن مشروع الخطوة مقابل خطوة”.
وأضاف في تصريح نشره حساب الهيئة على “فيسبوك” أن موقف الهيئة كان “واضحاً بأن أي طرح للمبعوث الدولي يجب أن يكون في إطار تفويضه وهو تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 وكل ما يقترحه من خطوات يجب أن يصب في إطار التنفيذ الكامل والصارم لهذا القرار”.
تتعلق القضية بالفائدة المترتبة على هذه الاجتماعات مع المبعوثين الدوليين وممثل الأمم المتحدة، حيث أكدت أليس مفرج، عضو هيئة التفاوض، في تصريح مشابه، أن “هيئة التفاوض، منذ تأسيسها، تركز على أن أي مبادرة خارج مسار جنيف والقرارات ذات الصلة بمجلس الأمن، مثل النهج الخطوة بخطوة أو تأسيس المؤسسة الدولية لشؤون المفقودين، يجب أن تكون ضمن إطار تنفيذ القرار 2254 بالكامل، وأن تكون هذه الإجراءات ضمن إطار بناء الثقة وليست كمكافأة للنظام لإعادة تأهيله، وذلك لتأمين الشروط والمعايير المطلوبة لاستئناف المسار السياسي في حال توفر الإرادة الدولية والإرادة السورية”.
ومن جهة أخرى، أوضح طارق الكردي، عضو هيئة التفاوض السورية، أن اليوم الأول من اجتماعات الهيئة شهد اجتماعا مطولا مع ممثلي 14 دولة، وتطرق إلى “الوضع السياسي في سورية وتعنت النظام في تحريك المسار السياسي”. وأضاف في تصريح له “أكدنا على ضرورة تحريك مسار المحاسبة للنظام السوري، على غرار مبادرة كندا وهولندا أمام محكمة العدل الدولية، وكذلك إصدار القضاء الفرنسي مذكرة توقيف بحق رئيس النظام بشار الأسد وشقيقه ماهر”. ورأى الكردي أن مسار المحاسبة أساسي، ولا يمكن من دونه الوصول إلى سلام مستدام في سورية.
من جهتها، طالبت المبعوثة الفرنسية الخاصة إلى سورية، بريجيت كرمي، النظام السوري بتقديم تنازلات سياسية لدفع العملية السياسية قدما، مضيفة أنه بات معروفا ماذا تتطلب لكي تخطو إلى الأمام، مشيرة إلى أنه إذا لم يكن هناك حل في سورية، فسوف تنهار الأوضاع فيها بشكل أكبر.