كشفت صحيفة “إندبندنت” (the Independent) عن أن خفر السواحل البريطاني تأخر في الاستجابة لنداء استغاثة من مهاجرين خلال غرق زورقهم في قناة المانش (القناة الإنجليزية) العام الماضي، مما أسفر عن موت 27 منهم غرقا لم يعثر على جثث 5 منهم حتى الآن.
وقالت الصحيفة في تقرير حصري إن خفر السواحل في المملكة المتحدة وفرنسا تدخل بعد مرور 12 ساعة من تلقيه أول نداء استغاثة من ركاب القارب، مشيرة إلى أن عمليات الإنقاذ تأخرت بسبب تدافع المسؤولية بين السلطات البريطانية والفرنسية بشأن من يتعين عليه عملية الإنقاذ.
وكشف تحقيق تجريه السلطات البريطانية في الحادث المأساوي الذي وقع في بحر المانش في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، عن جانب من نداءات الاستغاثة التي تلقاها خفر السواحل الفرنسي والبريطاني على مدى ساعات عبر الهاتف من المهاجرين الذين كان بعضهم يصارع الموت في عرض البحر بعد انقلاب قاربهم.
تسجيلات تكشف مكالمات الساعات الأخيرة
وبحسب تقرير إندبندنت، فإن سجلات المكالمات المتعلقة بغرق القارب التي سمحت السلطات الفرنسية للمحامين المشاركين في التحقيق بالاطلاع عليها تظهر أن أول نداء استغاثة تلقاه خفر السواحل الفرنسي تم تسجيله قبل الساعة 2:15 دقيقة صباحًا بقليل، وأن القارب انقلب حوالي الساعة 3:15 دقيقة صباحًا.
بعد ذلك بوقت قصير، في الساعة 3:30 صباحًا، وردت مكالمة من أحد الركاب يخبر فيها خفر السواحل أن بعض ركاب القارب في عرض المياه، لكن السلطات الفرنسية ردت عليه بالقول “نعم، لكنك في المياه الإنجليزية يا سيدي”.
وقالت الصحيفة إن ركاب القارب المنكوب أجروا أكثر من 20 مكالمة استغاثة بعد ذلك بين الساعة 3.40 صباحًا و 7.30 صباحًا عند شروق الشمس وفق التسجيلات التي اطلع عليها المحققون، لكن فرق الإنقاذ لم تصل إلى مكان الحادث حتى الساعة 2:00 بعد الظهر، بعد أن فارق جميع ركاب القارب الحياة غرقا باستثناء مهاجرين اثنين.
وأبرز تقرير الصحيفة أن خفر السواحل البريطاني المسؤول عن تسجيل مكالمات الطوارئ وتنسيق مهام البحث والإنقاذ في القناة الإنجليزية، استمر في إنكار وجود الزورق في المياه البريطانية طوال الليل، وطلب مرارًا من الركاب الاتصال بخفر السواحل الفرنسي. وتشير سجلات المكالمات التي سجلها الفرنسيون إلى أن القارب دخل المياه البريطانية في الساعة 2:30 صباحًا.
وقالت الصحيفة إن معلوماتها تشير إلى وجود 10 أفراد من خفر السواحل البريطاني في غرفة التحكم في دوفر للتعامل مع المكالمات في الليلة التي غرق فيها قارب المهاجرين في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
وأشارت إلى أن فريق خفر السواحل البريطاني المسؤول عن جهود الإنقاذ في تلك الليلة حدد مكان القارب وحركة المد والجزر وظروف الطقس. وأظهرت رسائل عبر البريد الإلكتروني بين السلطات الفرنسية والبريطانية تمت حوالي الساعة 2:45 صباحًا، أن خفر السواحل البريطاني حاول على ما يبدو الاتصال بأحد الركاب لكنه تلقى نغمة اتصال فرنسية، وبناء على ذلك قرر أن عملية الإنقاذ ليست مسؤوليته لاحتمال كون القارب ما زال في المياه الفرنسية.
الحادث الأسوأ في تاريخ القناة
وحذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في 25 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي من استغلال أزمة المهاجرين سياسيا، وذلك بعد غرق 27 شخصا في بحر المانش خلال محاولتهم الوصول إلى إنجلترا، في وقت ناشد فيه وزير الداخلية الفرنسي دول الجوار مساعدة بلاده في التصدي للهجرة غير النظامية.
وقال قصر الإليزيه في بيان بعد اتصال هاتفي بين الرجلين، إن ماكرون أبلغ جونسون أن لدى فرنسا والمملكة المتحدة “مسؤولية مشتركة”، مشددا على أنه يتوقع من البريطانيين التعاون التام والامتناع عن استغلال وضع مأساوي لأهداف سياسية.
وجاء الاتصال الهاتفي بين رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي بعد ساعات من العثور على جثث 27 مهاجرا لقوا حتفهم عقب انقلاب زورق استقلوه من شمالي فرنسا في محاولة للوصول إلى بريطانيا عبر قناة المانش.
وكانت حصيلة أولية أفادت بوفاة 31 مهاجرا وفقدان اثنين آخرين، لكن السلطات الفرنسية أكدت مساء أمس الأربعاء وفاة 27 ونجاة اثنين آخرين.
ووصف مسؤولون حينها حادث غرق المهاجرين غير النظاميين في قناة المانش بأنه الأسوأ من نوعه في الممر المائي الفاصل بين بريطانيا وفرنسا، إذ أسفر عن أكبر حصيلة من القتلى منذ ارتفاع عدد عمليات العبور عبر المانش في 2018.
المصدر : إندبندنت + الجزيرة