منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، سعت عدة مبادرات عربية ودولية للتوصل إلى حل سلمي للصراع، لكنها كلها فشلت في إنهاء الأزمة، وكان آخرها يوم 30 يناير/كانون الثاني 2018 إذ أوصت بإنشاء لجنة للإصلاح الدستوري تضم النواب المنتخبين في المؤتمر وممثلي المجموعات التي لم تحضر.
المبادرات العربية
في يناير/كانون الثاني 2012، وبعد شهرين من فشل أول مبادرة عربية تنص على وقف العنف والإفراج عن المعتقلين وسحب الجيش من المدن السورية، تبنى وزراء الخارجية العرب مبادرة جديدة نصت على نقل سلطات الرئيس بشار الأسد إلى نائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
لكن دمشق رفضت هذه الخطة مشددة على “انتهاء الحلول العربية”، وأكدت أنها مصممة على وقف الاحتجاجات الشعبية التي قمعت بالقوة منذ مارس/آذار 2011.
مؤتمر جنيف-1
في 30 يونيو/حزيران 2012، اتفقت مجموعة العمل حول سوريا التي تضم الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وتركيا وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي في جنيف على مبادئ العملية الانتقالية.
ونصت الخطة وقتها على تشكيل “حكومة انتقالية تملك كامل الصلاحيات التنفيذية” على “قاعدة التفاهم المتبادل”، دون أن تحدد مصير الأسد. لكن الأطراف المعنية بالنزاع اختلفت على تفسير مبادئ جنيف-1.
وبعد الاجتماع، اعتبرت واشنطن أن الاتفاق يفسح المجال أمام مرحلة “ما بعد الأسد”، في حين أكدت موسكو وبكين أنه يعود إلى السوريين تقرير مصير رئيسهم.
جنيف-2
في يناير/كانون الثاني 2014، عقدت مفاوضات في سويسرا بين المعارضة والحكومة السورية، بضغوط من الولايات المتحدة الداعمة للمعارضة ومن روسيا الداعمة لدمشق، لكنها انتهت بدون نتيجة ملموسة.
وتلتها جولة ثانية انتهت في فبراير/شباط أعلن بعدها مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي وصول النقاش إلى طريق مسدود، مما حمله إلى إعلان استقالته بعد أن خلف كوفي أنان في هذه المهمة، وحل محله ستفان دي ميستورا في يوليو/تموز.
محادثات فيينا
في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، تم تشكيل مجموعة دعم دولية لسوريا في فيينا تضم 23 قوة دولية وإقليمية ومنظمات متعددة الأطراف، بينها الولايات المتحدة وروسيا والسعودية وإيران وتركيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
أعدت هذه المجموعة خارطة طريق للعملية الانتقالية، ولإجراء انتخابات وعقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة بحلول بداية يناير/كانون الثاني، دون الاتفاق على مصير الأسد.
في 18 ديسمبر/كانون الأول 2015، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع وللمرة الأولى منذ بدء النزاع قرارا استنادا إلى محادثات فيينا، يحدد خارطة طريق تبدأ بمفاوضات بين النظام والمعارضة، وينص على وقف لإطلاق النار، وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر، وتنظيم انتخابات خلال 18 شهرا.
تسع جولات
في مطلع 2016، عقدت ثلاث جولات من المفاوضات غير المباشرة بين النظام والمعارضة في جنيف برعاية مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا دي ميستورا، اصطدمت بأساليب المرحلة الانتقالية والخروقات لهدنة.
من مارس/آذار إلى يوليو/تموز 2017 نظمت أربع جولات أخرى من المفاوضات غير المباشرة التي لم تثمر شيئا.
وفي 14 ديسمبر/كانون الأول اتهم المبعوث الأممي دمشق -إثر جولة تفاوض أخرى- بنسف المفاوضات عبر رفض التفاوض مع المعارضة، واعتبرها “فرصة ذهبية ضاعت”. ويوم 26 يناير/كانون الثاني 2018 انتهت الجولة الأممية التاسعة بخيبة في فيينا التي استضافتها لدواع لوجستية، علما بأنها تعقد عادة في جنيف.
محادثات برعاية موسكو
في يناير/كانون الثاني 2017، نظمت روسيا وإيران حليفتا النظام وتركيا الداعمة للمعارضة السورية في أستانا عاصمة كزاخستان؛ مفاوضات ضمت للمرة الأولى ممثلين عن النظام السوري وآخرين عن الفصائل المعارضة.
وأعلنت هذه الدول الثلاث “الراعية” أواخر ديسمبر/كانون الأول 2016 وقفا لإطلاق النار بين القوات السورية والفصائل المعارضة. وتمكنت روسيا من تغيير المعطيات على الأرض إثر تدخلها العسكري أواخر سبتمبر/أيلول 2015 في سوريا دعما للنظام.
جرت سبع جولات من المفاوضات أفضت إلى اتفاق حول إقامة أربع “مناطق لخفض التوتر” تتيح تراجع المعارك، لكن ليس وقفها كليا.
سوتشي بغياب المعارضة
يوم 30 يناير/كانون الثاني 2018 اجتمع ممثلون عن المجتمع المدني والسياسي السوري في سوتشي بدعوة من موسكو لصياغة دستور جديد للبلاد.
لكن الهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية -التي تمثل مجموعات المعارضة الرئيسية- ومنظمات كردية موالية لأميركا، رفضت المشاركة في هذا اللقاء.
وعاد وفد فصائل المعارضة السورية المكون من نحو 80 شخصا إلى أنقرة بعد رفضه المشاركة في المؤتمر، وقال في بيان إنهم فوجئوا بأنه “لم يتحقق أي من الوعود التي قطعت؛ فلا القصف الوحشي على المدنيين توقف، ولا أعلام النظام على لافتات المؤتمر وشعاره أزيلت، فضلا عن افتقاد أصول اللياقة الدبلوماسية من الدولة المضيفة”.
وتم الاتفاق في اللقاء على إنشاء لجنة للإصلاح الدستوري تضم النواب المنتخبين في المؤتمر وممثلي المجموعات التي لم تحضر.