أرسل المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، مساء الخميس، مقترحًا لجدول أعمال الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، ساعيًا بذلك إلى التوسط لكسر حالة اللا توافق الحاصلة بين النظام والمعارضة، وذلك بعد تقديم النظام مقترحين في وقت سابق، في حين قدّمت المعارضة مقترحًا مضادًا لأحدهما واعتراضا على صياغة آخر.
وتأتي رسالة بيدرسون، التي حصل “العربي الجديد” على نسخة منها، في صفحتين، قدم فيها المبعوث الأممي منهجية سير الجولة السادسة، وطلب الاتفاق على أجندة الجولة التي تليها قبل نهاية الجولة السادسة، كما يُقدم المقترح تصورًا حول دور الرئيسين المشتركين للجنة، هادي البحرة وأحمد الكزبري، خلال الجولة لـ”تعزيز توافق الآراء وضمان حسن سير عمل اللجنة الدستورية”.
وجاء في مقترح المبعوث الأممي أنه “قبل المغادرة إلى جنيف، يقوم الوفد المرشح من قبل حكومة الجمهورية العربية السورية، والوفد المرشح من قبل هيئة التفاوض السورية، ووفد المجتمع المدني (سواء بشكل مجمع إذا رغبوا في ذلك أو كمجموعات) بتقديم المقترحات كتابة إلى مكتب المبعوث الخاص في شكل نصوص مقترحة لمبادئ دستورية أساسية لتضمينها في مشروع الدستور”، ويتم “خلال كل اجتماع من اجتماعات الهيئة المصغرة في الأيام من 1 إلى 4 تناول مبدأ واحد على الأقل من المبادئ الدستورية الأساسية واستنفاد النقاش حوله”.
مقترح بيدرسون يعني أن الجولة الواحدة ستناقش ثمانية مبادئ دستورية مقترحة من قبل الوفود، فاليوم الواحد من الجولة يتضمن جلستين، في حين يبقى اليوم الخامس من الاجتماعات غير واضح الأجندة، حيث اكتفى مقترح بيدرسون بالقول إنه “قد تسعى الهيئة المصغرة في اليوم الخامس إلى تعميق أي نقاط اتفاق مؤقت تم تحديدها في الأيام من 1 إلى 4”.
كما أن الجلسة الواحدة، والتي تستمر نحو ساعتين تقريبًا، ليس بالضرورة أن تنتهي باتفاق على المبدأ الذي يتم النقاش حوله، وجاء في المقترح: “يسعى كل اجتماع للهيئة المصغرة إلى تحديد ما إذا كان هناك اتفاق مؤقت أو بعض عناصر اتفاق مؤقتة فيما يتعلق بالمبدأ الدستوري الأساسي قيد المناقشة”، و أنه “لا يحول عدم التوصل إلى اتفاق مؤقت حول مبدأ دون الانتقال إلى المبدأ الدستوري الأساسي المقترح التالي في الاجتماع التالي. قد ترغب الهيئة المصغرة في العودة إلى هذه المبادئ في الوقت المناسب، على ألا يمنع ذلك الانتقال إلى قضايا أخرى في الجلسات القادمة”.
وتضمن المقترح أيضًا اجتماعَ الرئيسين المشتركين مع المبعوث الخاص “خلال اليوم السابق لبدء الدورة، وعلى مدار الأسبوع، وفقاً لما تقتضيه الحاجة لتعزيز توافق الآراء وضمان حسن سير عمل اللجنة الدستورية”، وستكون مهمة الرئيسين “تحديد قبل بدء الدورة مقترحات المبادئ الدستورية الأساسية المقترح مناقشتها في كل اجتماع، يمكن أن يقوم الرئيسان المشاركان بذلك من خلال اختيار مقترح نص واحد من المقترحات المكتوبة المقدمة من كل وفد بالتناوب”.
ويقوم الرئيسان، وفق المقترح، بـ”تحديد الوسائل العملية التي يتم من خلالها عرض المبادئ ومناقشتها بطريقة فعالة خلال الاجتماعات، والقيام، بمساعدة السكرتارية، بتسجيل وتدوين النقاط التي تم البت فيها أو الاتفاق عليها مؤقتاً، مع تسجيل النقاط التي لا يوجد اتفاق مؤقت بشأنها”، إضافة إلى “مناقشة والاتفاق على موعد انعقاد الدورة التالية وخطة عمل أولية حتى نهاية عام 2021، والتنسيق مع المبعوث الخاص بشأن قيامه بالإعلان عن نتائج الدورة والعمل المستقبلي للجنة الدستورية”.
تضمن المقترح اجتماعَ الرئيسين المشتركين مع المبعوث الخاص “خلال اليوم السابق لبدء الدورة، وعلى مدار الأسبوع، وفقاً لما تقتضيه الحاجة لتعزيز توافق الآراء وضمان حسن سير عمل اللجنة الدستورية”
وسينتظر بيدرسون ردود الطرفين على المقترح، فيما ترى مصادر “العربي الجديد” في هيئة التفاوض أن مقترح بيدرسون “قد لا يحصل على موافقة النظام، لأن النظام ليس مستعدًا لبحث عدة مبادئ دستورية في جولة واحدة”، مضيفة أن “مقترح بيدرسون يعكس رغبة المبعوث الأممي في تحريك الاجتماعات وإضفاء حركية عليها، عكس ما يريده النظام”.
وكان النظام السوري قد أرسل إلى بيدرسون، نهاية شهر فبراير/ شباط الماضي، مقترحاً جاء فيه أن كل طرف (النظام، المعارضة، المجتمع المدني) يُقدم مقترح مبدأ دستوري، و”بعد طرح المبدأ تتاح الفرصة لكل أعضاء اللجنة لإبداء أفكارهم، والمبررات التي تقف خلف هذا الطرح”، كما جاء في مقترح النظام أنه “لا يجوز أن تُطرح مضامين المبادئ دفعة واحدة”، و “يُقدم الطرف المعني صياغة للمضمون الذي تقدم به، ويطرحه على الأطراف الأخرى لبيان الرأي حوله”.
في مقابل ذلك المقترح، أرسلت هيئة التفاوض مقترحًا مضادًا يوم 11 مارس، آذار الماضي، جاء فيه أنه “يلتزم كل من الأطراف الثلاثة (مرشحي هيئة التفاوض، ومرشحي الحكومة، ومرشحي المجتمع المدني) بإعداد وتقديم صياغة مبدئية مقترحة لمبادئ دستورية يرى تضمينها ضمن المبادئ الأساسية في مشروع الدستور”، ويتم تقديم هذه المقترحات للرئيسين المشتركين.
ووفق مقترح المعارضة، فإن الرئيسين المشتركين يناقشان مع المبعوث الأممي قبل يوم من بدء الاجتماعات تفاصيل خطة العمل، بما فيها إعداد قائمة واحدة تجمع الصياغات المبدئية المقترحة من قبل الوفود ليُصار إلى توزيعها على أعضاء اللجنة كافة في صباح أول يوم من الاجتماعات. واقترحت المعارضة أن يتم الاتفاق على “زمن محدد يتفق عليه الرئيسان المشتركان لمناقشة كل مبدأ ويوزع هذا الزمن على الأطراف الثلاثة بالتساوي”، كما أن المعارضة طلبت أن “يتسنى طرح ومناقشة صياغة ما لا يقل عن مبدئين دستوريين أساسيين على التوالي في كل جلسة”.
مقترح المعارضة رد عليه النظام بمقترح يوم 19 مارس/ آذار الماضي، لم يحمل أي جديد عن مقترح النظام الأول، إلا أن المعارضة هذه المرة لم تعترض على المقترح فحسب، بل على صياغته أيضًا، خصوصًا أن ورقة المقترح التي قدمها النظام إلى بيدرسون تذكر المعارضة باسم الطرف الآخر، ووفد النظام باسم الوفد الوطني.
وبحسب مصادر “العربي الجديد”، فإن الوفد الأممي قام بالتواصل مع النظام والمعارضة خلال الأيام الماضية، حيث التقى أعضاء من فريق بيدرسون برئيس وفد المعارضة هادي البحرة في الرياض، كما تم التواصل مع رئيس وفد النظام أحمد الكزبري.
وتُشير المصادر إلى أن بيدرسون عازم على عدم إرسال دعوات للجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية قبل التأكد من هذه الجولة ستُحدث خرقًا في الجمود الحاصل، لأنه “يعلم أن فشل الجولة السادسة يعني بطبيعة الحال انهيار المسار وتوقفه”.
كما ينتظر المبعوث الأممي بفارغ الصبر استكمال واشنطن لفريقها إلى الملف السوري، والذي من المتوقع أن يتم خلال الأسابيع القليلة القادمة، بحسب مصادر “العربي الجديد”، لأن الفريق الذي يدير الملف الآن هو من الموظفين غير القادرين على اتخاذ أي قرار أو تحرك فعلي، فضلًا عن غياب استراتيجية لواشنطن حيال الملف السوري، وهو ما يُلقي بظلاله على تراجع حركية المسار الأممي وتفاعل الدول المعنية به.