أبدت الصحف البريطانية اهتماما كبيرا بإدانة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالاعتداء الجنسي، حيث تناولت القضية في صفحاتها للرأي وافتتاحياتها، وناقشت تداعيات الأمر على ترشحه للرئاسة عام 2024.
ونبدأ من افتتاحية صحيفة الغارديان، التي جاءت بعنوان “العواقب بالنسبة لترامب: هذه البداية تطلبت شجاعة”.
وتقول الغارديان إن صحيفة تبلغ من العمر 79 عاما، بمساندة من النساء الشجاعات الأخريات اللاتي أدلين بشهادتهن في قضيتها، قامت بما لم تتمكن المؤسسات القانونية والسياسية من تحقيقه، حيث استطاعت تحميل الرئيس السابق دونالد ترامب المسؤولية القانونية عن أفعاله وعن أفعاله وأكاذيبه.
وتقول الصحيفة إن المحكمة التي خلصت إلى أن ترامب اعتدى جنسياً على إي جان كارول في التسعينيات، ثم قام بتشويه سمعتها، وإن لم تجده مسؤولاً عن الاغتصاب، أرست سابقة قضائية هامة.
وتضيف أنه على الرغم من أن المحكمة قضت بتعويض قدره منحت 5 ملايين دولار لكارول، إلا أن المال لا يمكن أن يمحو الاعتداء الذي تعرضت له، أو الذكريات المتطفلة التي تحملتها أو تجنبها المستمر للعلاقات الرومانسية أو الجنسية.
وترى الصحيفة أن الأمر تطلب شجاعة كبيرة لمواجهة رجل كان أحد أقوى الأشخاص في العالم، والذي قد يكون كذلك مرة أخرى، والذي يجتذب ويشجع الدعم غير العقلاني والعدواني.
وتقول الصحيفة إنه قد يمكن للبعض التغاضي عن هذا النصر القضائي الذي حصلت عليه كارول إذا أخذنا في الاعتبار فقط أن تأثيره على الناخبين وعلى حظوظ ترامب الانتخابية سيكون محدودا.
وترى الصحيفة أنه سيكون من الخطأ تخيل أن أي قضية يمكن أن تصلح نظامًا سياسيًا محطمًا أو أن تتغلب على التمييز ضد المرأة، ولكن الفوز القضائي الذي حصلت عليه كارول يعد بداية شجاعة.
وتضيف الغارديان أن التغيير لا يأتي دائمًا بشكل فوري ودرامي وحاسم، وقد يكون بطيئًا وجزئيًا، لكنه مع ذلك حقيقي ومهم.
وتقول إن ترامب يواجه الآن مخاطر متزايدة على جبهات قانونية متعددة، ومهما كانت نتيجة القضايا الأخرى، لا تزال هذه القضية هامة وشجاعة.
المرشح الأوفر حظا
وتتناول صحيفة الاندبندنت القضية ذاتها، حيث نقرأ فيها تقريرا لبيفان هيرلي بعنوان: ” إدانة بالاعتداء الجنسي، و26 اتهاما ولا يزال ترامب المرشح الأوفر حظًا ليكون الرئيس المقبل”.
ويقول الكاتب إن محاكمة الاعتداء الجنسي والتشهير سلطت الاهتمام مجددًا على تاريخ الرئيس السابق الممتد لعقود من مزاعم التحرش بالنساء في منازله في نيويورك وفلوريدا وفي مسابقات ملكات الجمال وعلى متن الطائرات وفي المطاعم والحانات وخلال اللقاءات العشوائية.
ويقول الكاتب إنه على الرغم من الإدانة، لا يزال ترامب مستمرا في طريقه ليكون المرشح الجمهوري في عام 2024 ولديه فرصة جيدة ليصبح رئيسًا مرة أخرى.
وأظهر استطلاع حديث أجرته واشنطن بوست وأيه بي سي نيوز أن منافسه الديمقراطي جو بايدن يتخلف عن الركب، ويشير التاريخ إلى أن هذا الحكم لن يضر ترامب كمرشح.
ويقول الكاتب إنه على الرغم من كثرة المزاعم، صوتت 47 في المائة من النساء البيض لصالح ترامب، مقارنة بـ45 في المائة لهيلاري كلينتون، وفقًا لدراسة أجراها مركز بيو للأبحاث.
ودعمت 54 في المائة من النساء هيلاري كلينتون في عام 2016 ، مقارنة بـ39 في المائة لترامب.
وفي انتخابات عام 2020، نما دعم ترامب بين النساء، وحصل على 44 في المائة ، مقارنة بـ55 في المائة لجو بايدن.
أخطاء الغرب
وفي صفحة الرأي في الفايننشال تايمز نقرأ مقالا لألكسندر ستوب، رئيس الوزراء الفنلندي السابق، بعنوان “يجب أن يتعلم الغرب من أخطائه إذا كان يريد تشكيل نظام عالمي جديد”.
ويقول الكاتب إنه بعد ثلاثة أيام من الحرب في أوكرانيا أرسل رسالة نصية إلى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، طالبا منه “أرجوك، أوقف هذا الجنون. أنت الوحيد القادر على منعه”. ويقول الكاتب إن رد لافروف يمثل أسلوب نظام فلاديمير بوتين في الرد، حيث ألقى باللوم على الغرب، وأدرك الكاتب حينها أن النظام العالمي الليبرالي يتعرض لهجوم خطير.
ويضيف الكاتب أن هناك لحظات في التاريخ يموت فيها نظام قديم قبل أن يولد نظام جديد بعد، وكان عام 2022 أحد هذه اللحظات.
ويقول الكاتب إن هناك فكرة خاطئة عامة في الغرب مفادها أن العالم موحد في دعمه لأوكرانيا، وقد يشعر المرء بالراحة لأن أكثر من 140 من أعضاء الأمم المتحدة البالغ عددهم 193 يدينون روسيا.
لكن حقيقة الأمر الـ35 الذين امتنعوا عن التصويت يمثلون أكثر من نصف سكان العالم.
ويضيف أن الأهم من ذلك هو أن حوالي 40 دولة فقط معظمها غربية، فرضت عقوبات على روسيا.
وفرضت دولتان في آسيا فقط عقوبات على روسيا، بينما لم تفرض أي دولة في أفريقيا أو أمريكا اللاتينية عقوبات على موسكو.
ويرى الكاتب أن تحديد النظام العالمي الجديد سيتم من خلال مثلث للقوة يتأرجح بين الغرب العالم والشرق والجنوب. ويقول إن الغرب، المكون من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفائهما، أو ما يقرب من 50 دولة، يريد الحفاظ على النظام الليبرالي القائم.
ويرى أنه على الطرف الآخر، يريد الشرق العالمي، المكون من الصين وروسيا وإيران وحوالي 20 دولة تدعمهم، التخلص من النظام الليبرالي وإنشاء قواعد ومؤسسات جديدة تهتم بسلطة الدولة.
ويقول الكاتب إن الجنوب العالمي، بقيادة دول مثل الهند والمملكة العربية السعودية وجنوب إفريقيا ونيجيريا والبرازيل، يتكون من 125 دولة من جميع أنحاء آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وبالنسبة للعديد من هذه البلدان، لا تتعلق الحرب في أوكرانيا بالهيمنة بقدر ما تتعلق بالأمن الغذائي والطاقة والتضخم.
ويرى أنه إذا أراد الغرب العالمي الحفاظ على بقايا النظام العالمي الليبرالي، فيتعين عليه أن يتحلى بسياسة خارجية تتبنى الإصغاء للغير والمشاركة بدلاً من الوعظ والحديث عن الأخلاق.
ويرى الكاتب أنه من المرجح أن يشكل هذا العقد إطارًا للنظام العالمي لبقية القرن.