يوافق 2021 مرور عقد على تحول الانتفاضة السلمية في سوريا إلى نزاع وحشي. منذ البداية، تجاهلت أطراف النزاع بشكل صارخ حقوق الإنسان وأوجه الحماية في القانون الإنساني. توصلت “هيومن رايتس ووتش” إلى أن بعض هجمات التحالف الروسي السوري جرائم حرب وقد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
في مايو/أيار 2021، تولى بشار الأسد رئاسة سوريا لولاية رابعة لسبع سنوات أخرى في انتخابات لم تُجرَ رعاية العملية السياسية التي تقودها “الأمم المتحدة” ولم تلتزم بمعايير الانتخابات الحرة والنزيهة. جاءت فترة ولايته الجديدة في وقت واصلت فيه أجهزته الأمنية تعريض مئات، بمن فيهم اللاجئين العائدين، للاعتقال التعسفي والتعذيب، بينما يعاني الملايين من الجوع بسبب استغلال حكومته للمساعدات وعدم المعالجة المنصفة للأزمة الاقتصادية الشديدة الناتجة بشكل رئيسي عن تدمير البنية التحتية والأزمات في الدول المجاورة.
أصبح النقص المستمر في السلع الأساسية، بما فيها الخبز والوقود أمرا شائعا، وارتفع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية 21% عام 2021 – ليصل إجمالي عددهم إلى 13.4 مليون شخص، مع وجود 1.48 مليون شخص في حاجة “كارثية”، وفقا لـ “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” (أوتشا). لُقّح أكثر من 1 بالمئة بقليل من إجمالي سكان البلاد ضد كورونا حتى وقت كتابة هذا التقرير، وبرزت مخاوف بشأن قدرة الحكومة على توزيع اللقاحات بشكل عادل، حتى داخل المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
بحلول 2021، بلغت الخسائر الاقتصادية للحرب 1.2 تريليون دولار أمريكي، وفقا لـ”ورلد فيجن”. نتجت التكاليف بشكل كبير عن تدمير البنية التحتية والنزوح الجماعي الناجم عن عقد من الحرب استُخدمت فيها تكتيكات محظورة، بشكل رئيسي من قبل التحالف العسكري السوري الروسي. توصلت هيومن رايتس ووتش إلى أن بعض هجمات التحالف جرائم حرب وقد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية. التحالف المناهض لـ”تنظيم الدولة الإسلامية” (المعروف أيضا بـ”داعش”) الذي تقوده الولايات المتحدة انتهك أيضا القانون الإنساني الدولي”، عبر شنّ هجمات عشوائية في شمال شرق سوريا أسفرت عن مقتل مدنيين وتدمير أعيان مدنية.
يستمر التحالف العسكري السوري الروسي بشن هجمات محظورة في إدلب، حيث لا يزال التحالف، رغم وقف إطلاق النار الهش، يشكل تهديدا لأكثر من ثلاثة ملايين مدني محاصرين هناك. في الوقت ذاته، تُقيّد جماعة “هيئة تحرير الشام” المسلحة والمناهضة للحكومة حريات المدنيين.
في الأراضي التي تحتلها تركيا، تنتهك تركيا والفصائل السورية المحلية حقوق المدنيين وتقيّد حرياتهم دون محاسبة.
بعد هزيمة داعش في مناطقه شمال شرق سوريا، لم تقدم السلطات التي يقودها الأكراد والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة حتى الآن تعويضات عن الضحايا المدنيين، ولم تقدم الدعم لتحديد مصير المختطفين من قبل داعش، ولم تتعامل بشكل مناسب مع معاناة أكثر من 60 ألف سوري ورجال ونساء وأطفال أجانب محتجزين إلى أجل غير مسمى في ظروف مزرية في معسكرات وسجون مغلقة باعتبارهم من المشتبه بانتمائهم إلى داعش أو أفراد من عائلاتهم.
لم يجدد “مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة” آلية المساعدة الكاملة عبر الحدود، تاركا معبرا حدوديا واحدا مفتوحا، ما فاقم الأزمات الإنسانية في المناطق غير الحكومية. في الوقت نفسه، ما تزال عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة تراوح مكانها.
رغم سجل الحكومة في مجال الانتهاكات الحقوقية ضد مواطنيها، شهد هذا العام أيضا تطبيع عدة دول علاقاتها مع الحكومة السورية، بما فيها الإمارات والأردن، والتزامهما بالتعاون، مما أثار مخاوف بشأن عودة اللاجئين قبل وقتها والتسهيل المحتمل لانتهاكات الحقوق.
انتهاكات التحالف العسكري السوري-الروسي
بينما ارتكبت جميع أطراف النزاع انتهاكات فظيعة لقوانين الحرب، شن التحالف العسكري السوري الروسي قصفا جويا عشوائيا على المدارس والمستشفيات والأسواق، وهي بنى تحتية مدنية حيوية لبقاء المجتمع. وفقا لمجموعة “إير وارز” للمراقبة في المملكة المتحدة، نفذت القوات الجوية الروسية وحدها حوالي 39 ألف غارة جوية في سوريا منذ 2015.
في يونيو/حزيران 2021، اشتدت التوترات بين القوات الموالية للحكومة والمناوئة لها في محافظة درعا، بعد رفض شعبي لنتائج الانتخابات الرئاسية السورية في مايو/أيار 2021. بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2021، شنت القوات المسلحة السورية والميليشيات التابعة لها عشرات الهجمات العشوائية على مناطق مأهولة بالسكان في درعا، بينما هاجم مقاتلون مناهضون للحكومة مناطق تسيطر عليها الحكومة مما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين.
حوصر نحو 55 ألف مدني في درعا البلد المناهضة للحكومة، ومُنعوا من الحصول على الخبز والوقود والكهرباء وخدمات الرعاية الصحية. نتيجة للحصار والاشتباكات، نزح أكثر من 38 ألف شخص إلى المناطق المجاورة. في سبتمبر/أيلول، أُعلِن عن اتفاق مصالحة بوساطة روسية ينص على دخول الحكومة السورية إلى هذه المناطق، وتوقيع المدنيين ومقاتلي المعارضة ما يسمى باتفاقات المصالحة للسماح لهم بالبقاء. نُقل عشرات السوريين الذين رفضوا الاتفاق إلى إدلب. سبق أن وثقت هيومن رايتس ووتش عدم توفير الضمانات المنصوص عليها في اتفاقيات المصالحة الحماية اللازمة للسوريين. بعد الاتفاق، سُمح لشاحنة أغذية تابعة لـ “الهلال الأحمر العربي السوري” بدخول المنطقة لأول مرة منذ شهور.
الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على الحقوق
بحلول2021، تقلص الناتج الاقتصادي السوري 60%، وانخفضت قيمة العملة الوطنية 99%. يعيش أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر، وفقا لـ أوتشا. يعاني أكثر من 12.4 مليون سوري – من إجمالي عدد السكان المقدّر بحوالي 16 مليون – من انعدام الأمن الغذائي، وفقا لـ “برنامج الأغذية العالمي”، وهي زيادة مقلقة بلغت 3.1 مليون في عام واحد. يعاني أكثر من 600 ألف طفل من سوء التغذية المزمن. فاقمت الحكومة السورية من أثر الأزمة الاقتصادية بعدم معالجتها بشكل عادل وكاف نقص الخبز والوقود، وبدلا من ذلك سمحت بالتوزيع التمييزي وغير العادل.
يبلغ السكان أيضا عن انقطاع ونقص حادين في الكهرباء. في المناطق التي استعادت الحكومة السيطرة عليها، كانت منازل غالبية من قابلتهم هيومن رايتس ووتش لا تزال مدمرة كليا أو جزئيا ولا يمكنهم تحمل تكاليف إعادة البناء أو الترميم. لا تقدم الحكومة السورية أي مساعدة لإعادة الإعمار حتى بعد سنوات من إعادة السيطرة على الأرض. لذلك، يعيش العديد من السكان في خيَم مؤقتة، حيث يغلون الماء للشرب. ليسوا قادرين على دفع الإيجار في مكان آخر.
في الأجزاء التي استعادتها الحكومة في إدلب وحماة، صادرت السلطات السورية، من خلال الميليشيات الموالية لها و “اتحادات الفلاحين” التي تسيطر عليها الحكومة، بشكل غير قانوني منازل وأراضي السوريين الذين فروا من الهجمات العسكرية السورية الروسية وتبيعها عبر المزادات.
في فبراير/شباط 2021، ذكّر العميد الركن إلياس البيطار، رئيس “فرع الإعفاء والبدل” في الجيش السوري، البلاد بتعديل صادر في أواخر 2019 لقانون التجنيد الإجباري يسمح للسلطات بمصادرة ممتلكات “المتخلفين عن الخدمة العسكرية” الذين لا يمكنهم تسديد غرامات باهظة.
معوقات المساعدة الإنسانية وإعادة الإعمار
يحتاج أكثر من 13.1 مليون سوري إلى مساعدات إنسانية في جميع أنحاء سوريا.
يعتمد ملايين السكان في شمال شرق وشمال غرب سوريا على تدفق الغذاء والدواء والمساعدات الأخرى الضرورية عبر الحدود – بما فيها لقاح فيروس “كورونا”. قال عمال إغاثة لـ هيومن رايتس ووتش إن قدرات الوكالات غير الأممية على شراء الإمدادات ونقلها إلى الشمال الغربي أقل بكثير من قدرات الأمم المتحدة . قالوا إن قطع إمدادات مساعدات الأمم المتحدة وإنهاء التمويل الأممي يحرم ملايين الأشخاص من المساعدات.
تقول مجموعات الإغاثة غير الأممية في شمال شرق سوريا، والتي تخضع في أغلبها لسيطرة سلطة “الإدارة الذاتية” شبه المستقلة التي يقودها الأكراد، إنها لم تتمكن من جلب مساعدات كافية، بخاصة للرعاية الصحية، منذ أن اضطرت الأمم المتحدة إلى وقف عملياتها عبر الحدود بين العراق وسوريا في يناير/كانون الثاني 2020.
في يوليو/تموز 2021، جدد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تفويضه بخصوص نقل المساعدات الإنسانية عبر الحدود من خلال معبر باب الهوى من تركيا إلى شمال غرب سوريا، وهو ممر المساعدات الوحيد المتبقي عبر الحدود والذي لم يحظره حق النقض الروسي في مجلس الأمن.
حتى سبتمبر/أيلول 2021، تم إعطاء 610,257 جرعة لقاح كورونا في سوريا، بما فيها 119,158 جرعة في الشمال الغربي و19,354 في الشمال الشرقي. تمكن حوالي 3% من إجمالي سكان سوريا من تلقي اللقاح.
واصلت الحكومة السورية فرض قيود صارمة على إيصال المساعدات الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها وأماكن أخرى من البلاد، كما واصلت تحويل وجهة المساعدات لمعاقبة أولئك الذين يعبرون عن معارضتهم.
في 2021، فرضت الحكومة السورية حصارا على مدينة درعا البلد، ومنعت المنظمات الإنسانية من الوصول إليها، وفرضت قيودا شديدة على الأغذية والمساعدات والإمدادات الطبية. تواصل الحكومة السورية منع الوصول إلى مخيم الركبان قرب الحدود الأردنية حيث حصلت آخر عملية تسليم لمساعدات إنسانية أممية في سبتمبر/أيلول 2019.
الاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والإعدام خارج القضاء، والإخفاء القسري
تواصل قوات الأمن السورية والميليشيات التابعة للحكومة الاعتقال التعسفي والاخفاء القسري وإساءة معاملة الناس في جميع أنحاء البلاد، بمن فيهم الأطفال وذوي الإعاقة وكبار السن والعائدين والأفراد في المناطق المستعادة الذين وقعوا ما يسمى باتفاقات المصالحة.
وثّقت هيومن رايتس ووتش 21 حالة اعتقال واحتجاز تعسفي، بما فيها 13 حالة تعذيب، و3 حالات اختطاف، و5 عمليات قتل خارج نطاق القضاء، و17 حالة إخفاء قسري بين 2017 و2021 في صفوف اللاجئين الذين عادوا إلى سوريا من الأردن ولبنان.
أفرجت الحكومة السورية في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 عن 60 شخصا من مرافق احتجاز في جنوب سوريا ودمشق. مع ذلك، لا يزال آلاف المحتجزين في نظام الاعتقال السري في سوريا، والعديد منهم محتجزون منذ فترة طويلة تعود إلى2011، دون أي دليل على مكان وجودهم.
بحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، قُتل نحو 15 ألف شخص بسبب التعذيب منذ مارس/آذار 2011، معظمهم على يد القوات الحكومية السورية.
تقدر الشبكة أيضا أن أكثر من 100 ألف سوري ما زالوا مختفين قسريا، نحو 85% منهم على أيدي القوات الحكومية السورية. تمكنت “لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية” التابعة للأمم المتحدة من توثيق حالات عنف جنسي أثناء الاحتجاز في المرافق الحكومية، بما فيها الاغتصاب والاعتداء والإذلال الجنسي ضد النساء والرجال والفتيات والفتيان الذين لا تتجاوز أعمارهم 11 عاما.
في 21 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت وزارة العدل السورية عن إعدام 24 شخصا، وحكمت على خمسة قاصرين بعقوبات تراوحت بين 10و12 عاما، بتهمة التورط في إشعال حرائق غابات في سوريا العام الماضي. بررت الحكومة القرار بموجب قانون مكافحة الإرهاب الفضفاض والمسيء لعام 2019.
حقوق المرأة
لا تزال المرأة تواجه التمييز فيما يتعلق بالزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث بموجب قانون الأحوال الشخصية. تفقد المرأة حقها في النفقة من زوجها إذا رفضت العيش مع زوجها في بيت الزوجية دون عذر شرعي، أو إذا كانت تعمل خارج منزل الزوجية دون إذن زوجها. عدلت السلطات القانون مرتين في 2019 بإزالة لغة “الطاعة”، لكنه لا يزال يعاقب النساء على بعض أعمال عدم “الطاعة” المتعلقة بالتنقل.
ألغت السلطات عام 2020 المادة 548 من قانون العقوبات التي تسمح للرجال بالحصول على أحكام في حال قاموا بإيذاء أو قتل الزوجة أو القريبات إذا اكتشفوا قيامهن بفعل جنسي “غير شرعي”. رغم ذلك، لا تزال مواد أخرى يمكن أن تسمح للرجال الحصول على أحكام مخففة للعنف ضد المرأة. كما يجرم قانون العقوبات “الزنا” على نحو يميز ضد المرأة وينص على عقوبة بالسجن لفترة أطول في حالة الزنا للنساء عن الرجال.
التوجه الجنسي والهوية الجندرية
عرّضت الجهات الفاعلة السورية الحكومية وغير الحكومية الرجال، والفتيان، والنساء العابرات جندريا (الترانس)، والأشخاص الذين لا يعرّفون أنفسهم ضمن الثنائية الجندرية للعنف الجنسي أثناء النزاع السوري، مما أدى إلى عواقب صحية بدنية وعقلية وخيمة. بموجب المادة 520 من قانون العقوبات السوري، يعاقب على “المجامعة على خلاف الطبيعة” بالسجن ثلاث سنوات.
انتهاكات تركيا والفصائل الموالية لها
اجتاحت تركيا أجزاء من شمال شرق سوريا واحتلتها في أكتوبر/تشرين الأول 2019، ولا تزال تحت سيطرتها. بعد ذلك مباشرة، نُهبت عديد من المنازل والممتلكات العائدة للسكان الأكراد المحليون وتم الاستيلاء عليها. بحلول ديسمبر/كانون الأول 2019، اعتقلت السلطات التركية وجماعة مسلحة تابعة لـ “الجيش الوطني السوري” المناهض للحكومة والمدعوم من تركيا، 63 مواطنا سوريا على الأقل ونقلتهم بشكل غير قانوني من شمال شرق سوريا إلى تركيا لمحاكمتهم بتهم خطيرة يمكن أن تؤدي إلى السجن مدى الحياة. حُكم على خمسة من الـ 63 سوريا بالسجن مدى الحياة في أكتوبر/تشرين الأول 2020.
في النصف الأول من 2021، اعتقل الجيش الوطني السوري تعسفيا 162 شخصا، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
تواصل فصائل الجيش الوطني السوري تجنيد الأطفال. بحسب تقرير لـ “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” عام 2021، وقعت 20 حالة على الأقل لتجنيد الأطفال.
انتهاكات “هيئة تحرير الشام” وغيرها من الجماعات المناهضة للحكومة
تواصل الجماعات المناهضة للحكومة في سوريا ارتكاب ممارسات الاحتجاز التعسفية في المناطق الخاضعة لسيطرتها. في إدلب، تواصل هيئة تحرير الشام، التابعة لـ”القاعدة”، المداهمة والاحتجاز التعسفي للنشطاء والعاملين في المجال الإنساني والمدنيين الذين يبدون آراء انتقادية.
بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، اعتقلت هيئة تحرير الشام خلال النصف الأول من 2021 أكثر من 57 شخصا تعسفيا. بحسب مصادر محلية، في بعض الحالات، تفرض الهيئة عقوبة الإعدام على المعتقلين.
تتدخل هيئة تحرير الشام بشكل متزايد في كل جوانب الحياة المدنية، وتحدّ من حركة النساء، وتفرض قواعد اللباس وحتى تسريحات الشعر، وتفرض الضرائب والغرامات عشوائيا. استولت الهيئة أيضا على العديد من المنازل والممتلكات الخاصة بمسيحيين.
ارتفع عدد الجنود الأطفال الذين جندتهم هيئة تحرير الشام من 61 حالة إلى 187 حالة في النصف الأول من 2020، وفقا لتقرير أممي في 2021.
في 20 أكتوبر/تشرين الأول، انفجرت عبوة ناسفة في حافلة عسكرية في منطقة مكتظة بالسكان في دمشق، مما قتل 14 وأصاب آخرين. أعلنت جماعة متمردة تدعى “سرايا قاسيون” مسؤوليتها عن الهجوم.
انتهاكات “قوات سوريا الديمقراطية” والتحالف بقيادة الولايات المتحدة
نفذت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، جماعة مسلحة يقودها الأكراد، حملات اعتقالات جماعية ضد المدنيين بمن فيهم نشطاء وصحفيون ومعلمون. في النصف الأول من 2021، اعتقلت قسد تعسفيا 369 شخصا، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
لا تزال السلطات الإقليمية في شمال شرق سوريا تحتجز أكثر من 60 ألف رجل وامرأة وطفل في ظروف مهينة وتعسفية وغير إنسانية ومهددة للحياة. من بينهم نحو 43 ألف أجنبي – بما في ذلك 27 ألف طفل – من حوالي 60 دولة محتجزين منذ أكثر من عامين دون أن يمثلوا أمام محكمة. من المعروف أن 25 دولة فقط أعادت أو ساعدت في إعادة رعاياها، ومعظم هذه الدول سمحت فقط لعدد محدود بالعودة.
لم تُحرز السلطات التي يقودها الأكراد أو التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أي تقدم تقريبا لتحديد مصير الآلاف الذين اختفوا على يد داعش.
أزمة النزوح
لا تزال أزمة النزوح السوري إحدى أكثر العواقب الوخيمة والممتدة للحرب. منذ 2011، أُجبِر 12.3 مليون شخص على الفرار منذ بداية الحرب، وفقا لـ أوتشا، مع 6.7 مليون نازح داخليا حاليا في جميع أنحاء البلاد.
في 2021، اتخذت الجهود المبذولة لإجبار اللاجئين على العودة أبعادا جديدة. في مارس/آذار، أصبحت الدنمارك الدولة الأوروبية الأولى التي أبلغت 94 لاجئا سوريا بأن وضع “الحماية المؤقتة” الذي يتمتعون به لن يُجدد بعد تقرير خاطئ من قبل دوائر الهجرة الدنماركية يزعم أن دمشق وريف دمشق آمنتان للعودة، رغم وجود أدلة واسعة على أن خطر الاضطهاد لا يزال منتشرا.
رغم انخفاض الأعمال العدائية الفعلية في سوريا، واجه العائدون مجموعة من الانتهاكات الحقوقية، بما فيها الاحتجاز التعسفي والتعذيب والاخفاء القسري والانتهاكات من قبل السلطات السورية، مما يوفر أدلة إضافية على أن سوريا ليست آمنة. واجه اللاجئون العائدون أيضا صعوبات اقتصادية شديدة، حيث لم يتمكنوا من تحمل تكاليف المواد الغذائية الأساسية. كما وجد معظمهم منازلهم مدمرة كليا أو جزئيا ولم يتمكنوا من تحمل تكاليف التجديد. لم تقدم الحكومة السورية أي مساعدة في ترميم المنازل.
تأثر تعليم الأطفال اللاجئين، بمن فيهم الأطفال ذوو الإعاقة، في البلدان المستضيفة للاجئين بشدة بسبب كورونا، لا سيما في لبنان، حيث تتفاقم المشاكل التي يفرضها تفشي الوباء بسبب أزمة سياسية ومالية واقتصادية حادة هناك. واجه مئات آلاف اللاجئين السوريين مخاطر متزايدة تتعلق بالتسرب من المدارس، وعمالة الأطفال، وزواج الأطفال.
جهود المساءلة الدولية
في فبراير/شباط 2021، حكمت محكمة ألمانية على إياد أ، مسؤول سابق في المخابرات السورية ، بالسجن أربع سنوات ونصف بتهمة المساعدة والتحريض على جرائم ضد الإنسانية. كان هذا الحكم الأول في محاكمة تاريخية لاثنين من المسؤولين السابقين في المخابرات السورية، بتهم تتعلق بالتعذيب الذي ترعاه الدولة في سوريا.
في مارس/آذار، أفادت ” الآلية الدولية المحايدة والمستقلة الخاصة بسورية” التابعة للأمم المتحدة أنها قدمت معلومات وأدلة على جرائم فظيعة إلى 12 سلطة قضائية وطنية. في الشهر ذاته، انضمت كندا إلى هولندا في الجهود المبذولة لمحاسبة الحكومة السورية على التعذيب بموجب “اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب”. المراسلات الهولندية خطوة مهمة يمكن أن تؤدي في النهاية إلى مقاضاة سوريا في “محكمة العدل الدولية”.
في سبتمبر/أيلول، قضت محكمة النقض، أعلى محكمة في فرنسا، بأن لائحة اتهام ضد شركة “لافارج” بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية ألغيت على نحو خاطئ من قبل محكمة الاستئناف في باريس.
الأطراف الدولية الرئيسية
لم تحرز عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، بما فيها “اللجنة الدستورية”، أي تقدم تقريبا هذا العام، بعد الجولة الخامسة من المحادثات التي عُقدت في يناير/كانون الثاني 2021. تواصل روسيا وتركيا وإيران تقديم الدعم العسكري والمالي للفصائل المتحاربة وحمايتها من المساءلة.
في يوليو/تموز 2021، لم يجدد مجلس الأمن الدولي تفويض العمليات الكاملة عبر الحدود في المنطقة والسماح باستئناف تدفق المساعدات من العراق إلى شمال شرق سوريا، بسبب تهديد روسيا بأنها ستستخدم حق الفيتو. بدلا من ذلك، تمكن مجلس الأمن من تمديد فتح معبر حدودي واحد إلى شمال غرب سوريا.
في أبريل/نيسان 2021، صوتت الدول الأطراف في “اتفاقية الأسلحة الكيميائية” على تعليق حقوق وامتيازات سوريا في “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية”. استخدمت القوات الحكومية السورية بشكل متكرر الكلور وغاز السرين المؤثر على الأعصاب ضد الرجال والنساء والأطفال على مدار الحرب. استخدم مسلحو داعش في عدة مناسبات كبريتات الخردل، وفقا للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
لا يزال الأفراد المسؤولون عن الجرائم الفظيعة، والكيانات في الحكومة السورية أو التابعة لها، وداعش يخضعون لعقوبات صارمة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى بعض العقوبات على مستوى القطاعات. في يوليو/تموز 2021، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على داعمين ماليين لهيئة تحرير الشام.
شنت إسرائيل غارات جوية بشكل متزايد ومتكرر على أهداف إيرانية أو تابعة لـ “حزب الله” في سوريا. تواصل الولايات المتحدة وأعضاء آخرون في التحالف المناهض داعش دعم العمليات المضادة لداعش، من خلال دعمهم لـ قسد.