4751ميسرة بكور / الحليج أونلاين
تحولت الهجرة غير النظامية إلى ظاهرة تقلق معظم دول أوروبا، ما زالت معها حالة من التخبط تسيطر على قادة المجتمع الأوروبي، رغم ما تم أخيراً من تداعي دول الاتحاد الأوروبي للحديث عن وضع استراتيجية موحدة لمواجهة التسونامي البشري القادم من الشرق، والتوزيع العادل للاجئين على الدول الأوربية.
الدول الأوربية تحصد اليوم ما زرعته أمس، عندما صمت آذانها عن صرخات أطفال سوريا، وتعمدت عدم تقديم مقومات الصمود للأهالي في مناطقهم المنكوبة، وردع نظام “الأسد”، وظلت تراقب عن بعد المجزرة المستدامة بحق السوريين، ساكنة “سكون المقابر في ليل طويل”.
وتجاهلت حقيقة أنه لو توفرت للاجئين أسباب العيش الآمن في بلدانهم لما كانوا يفكرون في المخاطرة بأرواحهم والهجرة إلى أوروبا.
ما زالت دولة مثل بريطانيا تفضل المقاربة الأمنية على غيرها من الحلول، فها هي الحكومة الإنجليزية ترسل مزيداً من الحراس والكلاب البوليسية إلى حدودها مع فرنسا، وتفرض عقوبات مالية على أصحاب الشاحنات التي يشك في أنها حملت بعض اللاجئين، رغم أن تصريحات رئيس الوزراء البريطاني عن رغبة بلاده في استقبال عدد من اللاجئين.
على دول المجتمع الأوروبي مجتمعة أمام أزمة اللاجئين، أن تنحي الجانب القانوني والاعتبارات الطائفية، وتغلب الجانب الأخلاقي من أجل مساعدة آلاف الأشخاص الذين غامروا بحياتهم من أجل الوصول إلى الحلم الأوروبي.
ليس مقبولاً اليوم أن تقوم دول مثل “بلجيكا وسلوفاكيا” بالتحدث عن استقبال لاجئين من دين معين “مسيحيين” بما يشير إلى نوع من التعصب والتشكيك في فئة معينة منهم ينتمون لدين مختلف.
ليس من المنطقي في حال كان هناك من لا زال يؤمن بهذه العبارات أن تتحدث بعض الدول عن منظومة القيم الأوروبية، وسواحل أوروبا تبتلع مزيداً من اللاجئين السوريين.
عندما تكتفي دول الاتحاد الأوروبي ومن خلفها حلف “الناتو” بمتابعة الأخبار التي تصلهم عبر نشرات الأخبار أو مواقع التواصل الاجتماعي التي تتحدث عن تدمير سوريا الوطن والإنسان، ويكتفون بإصدار تقارير إنشائية تحمل ما تحمله في طياتها من عبارات الشجب والإدانة، سئم الشعب السوري تكرارها، ستكون النتيجة الحتمية سيلاً جارفاً بل طوفاناً من المهاجرين “غير النظاميين” يطرقون أبوابكم بحثاً عن الأمان عندكم بسبب أن دولكم في الأصل لم تمكنهم من الاستقرار في بلدانهم، ولم تقدم لهم السلاح حتى يدفعوا عن أنفسهم القتل.
نتيجةً لاستمرار تخاذل المجتمع الدولي وتعمده عدم دعم مطالب التحول الديمقراطي في سوريا، اضطر عدد كبير من السوريين إلى طلب النجاة والفرار إلى دول الاتحاد الأوروبي التي ظنوا أنها ستكون أكثر أماناً لهم ولأطفالهم.
بدأت رحلات اللاجئين السوريين إلى أوروبا تتصاعد يوماً بعد يوم، نتيجة لغياب أي حلول سياسية تلوح في آخر النفق من جهة، ومن جهة أخرى تغول المليشيات الطائفية، إضافة إلى اكتظاظ دول الجوار بأعداد كبيرة من اللاجئين، مما جعل الخدمات المقدمة لهم تتناقص مع مرور الزمن، فلم يعد هناك خيار إلا المغامرة بركوب قوارب الموت عبر البحر المتوسط للوصول إلى أوروبا، أو التعامل مع تجار النخاسة و”مافيات” تهريب البشر.
تظل الحقيقة الواضحة أن سبب مشكلة اللاجئين هي غياب العدالة الاجتماعية في بلدانهم، ودعم الدول الغربية لحكومات تقتلهم وتشردهم وتمنع عنهم أبسط حقوق الإنسان المتعارف عليها في قوانين حقوق الإنسان، ومواثيق الأمم المتحدة التي وقعت عليها معظم تلك الأنظمة المتهمة بارتكاب جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية.
الحقيقة الثانية هي عدم قيام دول المجتمع الدولي بفعل أي شيء ملموس من أجل وقف نزيف تلك المجتمعات، حتى أنها لم تقدم مساعدات إغاثية تتناسب مع حجم اقتصاديات تلك الدولة، فكان هذا “التسونامي” الذي دق أبواب أوروبا بعنف مسبباً أزمة حقيقية تئن حكوماتكم تحت وطأتها.
وما زالت تلك الدول الأوربية، تغلب الحل الأمني على أي حلول حقيقية تؤدي لوقف هذا النزيف البشري عبر قوارب الموت، من تشكيل فرق بحرية لمتابعة ومراقبة السواحل، واستخدام القوة العسكرية لتدمير قوارب الموت تلك، إلى بناء جدران على حدودها ونصب المزيد من الأسلاك الشائكة، واحتجاز اللاجئين وضربهم لإجبارهم على العودة أو البصم في أحد دول المرور.
نقول لهم ألم تتعلموا من تجربة بشار الأسد في القتل المستدام منذ خمس سنوات وفشله المستدام بسبب تغليب الحل الأمني.
كما وأن حل مشكلة اللاجئين لا تكون بوضعهم أمام خيارات الموت تحت براميل الأسد المتفجرة والكيميائي، أو الموت غرقاً في قوارب الموت عبر البحر، أو خنقاً في شاحنات المهربين في أوروبا.
إن حل مشكلة اللاجئين ومكافحة الإرهاب والتسرب من التعليم تكون بإنهاء مسبباتها. أوروبا
هجرة
لاجئون
سوريا