بالرغم من أن توفيق (اسم مستعار)، الذي يسكن في حي المزة الدمشقي، قد خفض سعر منزله المعروض للبيع، من 750 مليون ليرة إلى 650 مليوناً، إلا أنه لم يتمكن من بيع العقار حتى اللحظة، في حين يشهد الحي الذي يعد أحد مناطق دمشق الراقية، نشاطاً محموماً في عرض العقارات للبيع، وسط ركود كبير في السوق العقاري.
ويقول توفيق لـ”المدن”، إن تخفيض سعر عقاره قرابة 100 مليون ليرة، لم يكن مجدياً كما يبدو، علماً أن سعر العقار الأساسي يقارب المليار ليرة، موضحاً أن حالته تشابه العشرات من سكان المزة، الذين باتوا يفضلون الانتقال من المنطقة في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية عليها.
-
الحي لم يعد آمناً
ورصدت “المدن” عشرات عروض الأسعار الخاصة بعقارات المنطقة، سواء في المزة-86 أو المزة فيلات، وهي عروض مكثفة أدت إلى انهيار طاول السوق العقاري بنسبة لا تقل عن 20%، وذلك عقب الغارات الإسرائيلية والانفجارات العنيفة التي ضربت المنطقة خلال الشهر الجاري.
بينما تؤكد مصادر أهلية من داخل الحي لـ”المدن”، وجود حالة من التوتر والقلق تساور السكان، دفعت قسماً منهم إلى هجر عقاراتهم والانتقال نحو أحياء لم تطاولها هذه الضربات، مثل أبو رمانة والمالكي، عبر استئجار منازل مفروشة في الحيين الراقيين.
وتعزو مصادر عقارية من المزة انخفاض الطلب على شراء واستئجار البيوت السكنية والمحال التجارية في المنطقة، إلى كثافة السكان الإيرانيين أو الشخصيات المقربة من طهران، والتي أثرت على البنية الديمغرافية للحي وجعلته في مرمى الهجمات الإسرائيلية.
وتضيف المصادر لـ”المدن”، أن قسماً كبيراً من ملاك العقارات قاموا بإنهاء عقود الاستئجار الخاصة بالمستأجرين المقربين من إيران، كما قاموا بإعلام مكاتب العقارات بعزوفهم عن تأجير عقاراتهم لهذه الشخصيات، ما ساهم في خفض قيمة الإيجارات، لأن رفعها بالأساس كان بسبب إقبال هذا الصنف من المستأجرين على الإقامة في منطقة المزة، خاصة مع تحولها إلى بيئة عسكرية شبه مغلقة، بالرغم من استضافتها سفارات وهيئات دبلوماسية، داخلها.
-
تداعيات كارثية
ويرى الخبير الاقتصادي رضوان الدبس أن تدهور سوق العقارات في حي المزة، يأتي كأحد التداعيات السلبية للحرب الدائرة بين تل أبيب ومحور المقاومة، والتي تشمل أيضاً تأثيرات سلبية مماثلة على السوق التجاري. ويضيف لـ”المدن”، أن “تعرض المزة للقصف المتكرر يؤدي حكماً إلى هجرة أصحاب العقارات ورؤوس الأموال وأصحاب المحال التجارية خارج الحي، نظراً للتأثيرات الكبيرة لحالة عدم الاستقرار وغياب الأمن”.
ويتوقع الدبس أن “تدهور سوق العقارات سيستمر في الفترة المقبلة سواء من ناحية زيادة العرض على بيع العقارات، ما يعني مزيداً من الانخفاض، أو من جهة العزوف عن استئجار البيوت السكنية والمحال التجارية، وهو ما سيخفض الإيجارات بشكل أكبر”.
ويتابع أن الخوف والتوتر بين السكان سيضعف الحركة التجارية في المنطقة نتيجة عزوف سكان المنطقة عن المكوث في الشوارع لفترة طويلة، وتفضيلهم البقاء خارج المنطقة أغلب الوقت، تجنباً لأي قصف محتمل في الفترة الحالية التي تشهد تسخيناً كبيراً، وللابتعاد عن الوجود الأمني المكثف فيها، بهدف حماية الشخصيات المؤهلة للاستهدافات الإسرائيلية المحتملة.