بقيت الأزمة السورية حتى الآن عصية على جميع المبادرات العربية والإقليمية والدولية الساعية لإيقاف نزيف الدم السوري؛ بعد مقتل أكثر من 17 ألف مدني، وفقا للأمم المتحدة، بنيران القوات الحكومية التي تسعى منذ مارس من العام الماضي لقمع الحركة الاحتجاجية ضد الرئيس السوري بشار الأسد.
بدأت محاولات الحل في الجامعة العربية وانتقلت منها إلى الأمم المتحدة التي تنتظر من المبعوث الدولي العربي الجديد الأخضر الإبراهيمي مبادرة أخرى بعد فشل خطة سلفه كوفي أنان واتفاق جنيف، ومؤخرا كشفت كل من مصر وإيران عن رؤى جديدة للحل ستطرح في قمة عدم الانحياز في إيران في 30 و31 أغسطس.
الجامعة العربية تحاول الحل
بعد ثمانية أشهر من انطلاق الاحتجاجات السورية ضد حكم الأسد، وتحديدا في أواسط نوفمبر 2011 طرحت الجامعة العربية أولى المبادرات لحل الأزمة السورية، فجمدت عضوية سوريا في الجامعة، ومنحت السلطات مهلة ثلاثة أيام للتوقيع على بروتوكول إرسال مراقبين عرب إلى البلاد لتقصي الحقائق.
لكن الحكومة السورية نددت بتجميد عضويتها واتهمت العرب بالاشتراك في “مؤامرة كونية” عليها، وماطلت في التوقيع على البروتوكول ما دفع الجامعة إلى الاستمرار في تمديد المهل أكثر من شهر حتى 19 ديسمبر، عندما وقعت الحكومة أخيرا.
وأرسلت الجامعة العربية بموجب قرارها 30 مراقبا عربيا بإمكانات بدائية؛ ورئاسة السوداني الفريق محمد الدابي الذي كرر في أكثر من مناسبة رواية الحكومة السورية عن وجود عصابات مسلحة وجوبه برفض كبير من المعارضة السورية.
وانتهى تفويض البعثة في أواخر يناير من عام 2012 من دون وقف لإطلاق النار، حينها طرحت الجامعة مبادرة جديدة تقضي هذه المرة بتنحي بشار الأسد عن الحكم وتفويض نائبه بتولي مهامه، على غرار المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، لكن الحكومة السورية تجاهلت هذه المبادرة فلم تجد طريقها إلى التطبيق.
الأزمة السورية إلى مجلس الأمن
بعد الإخفاق العربي انتقل الملف السوري إلى مجلس الأمن، حيث ظهر شرخ بين أميركا والدول الغربية التي تطالب الأسد بالتنحي من ناحية، وروسيا والصين اللتين تقفان إلى جانب الحكومة السورية برئاسة الأسد ومن ورائهما إيران من ناحية ثانية. وأفشلت روسيا والصين من خلال استخدام حق النقض (الفيتو) ثلاثة مشاريع قرارات لإدانة سوريا؛ والتهديد بتطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، إذا لم توقف الحكومة السورية حملتها الأمنية.
وفي 24 فبراير 2012 أعلنت الأمم المتحدة أن أمينها العام بان غي مون والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي عينا كوفي أنان مبعوثا خاصا مشتركا لحل الأزمة السورية.
وأقر أنان خطة لإحلال السلام في سوريا تتألف من ست نقاط؛ أبرزها وقف إطلاق النار من قبل الأطراف المتقاتلة اعتبارا من 12 أبريل، والسماح لوسائل الإعلام بدخول البلاد، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدن المتضررة، وكلف مراقبون دوليون بمتابعة خطة أنان.
وافقت الحكومة السورية على خطة أنان، وعلى وقف إطلاق النار الذي بدأ هشا، ثم ما لبث القتال أن انفجر مجددا بين القوات السورية والمعارضة المسلحة، وطالب رئيس المراقبين روبرت مود أكثر من مرة السلطات السورية بالمبادرة إلى وقف إطلاق النار، وبدا واضحا أن خطة أنان لن تؤتي أي نتيجة على الرغم من التوافق الدولي عليها.
اتفاق جنيف
في بداية يوليو من 2012 اتفقت الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ودول عربية في جنيف على صيغة معدلة من خطة المبعوث الدولي كوفي أنان؛ تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية في سوريا، تكون لها سلطات تنفيذية كاملة، لكنها ولدت ميتة لاختلاف روسيا والصين من جهة وأميركا والغرب من جهة أخرى فيما إذا كانت خطة الحكومة الانتقالية تشمل الأسد أو تقصيه، وأعقب ذلك استقالة أنان وتعيين الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي خلفا له.
مبادرة مصرية وأخرى إيرانية
ومع نهاية أغسطس أعلن المتحدث باسم الخارجية المصرية عمرو رشدي أن القاهرة تبحث إمكانية عقد اجتماع رباعي يضم السعودية وتركيا وإيران؛ للبحث في إيجاد حل للأزمة السورية. وقد رحبت إيران وتركيا بالمبادرة المصرية.
أما إيران فكشفت بلسان رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني علاء الدين بروجردي عن خطوط رئيسية لمبادرة لحل الأزمة السورية، قائلا إنها ستطرحها خلال قمة حركة دول عدم الانحياز يومي 30 و31 أغسطس الحالي.
وأوضح بروجردي أن المبادرة تتضمن الدعوة إلى توفير أرضية لإجراء مفاوضات بين الحكومة والمعارضة، وإيقاف إطلاق النار، وتشكيل مجموعة اتصال من الدول المشاركة في القمة لمتابعة تنفيذها.
سكاي نيوز عربية