يشهد الشمال السوري تدهورًا حادًا في وضع المخيمات الإنسانية، حيث تأثرت مختلف القطاعات الخدمية، بما في ذلك قطاع الإصحاح البيئي الذي يشمل جمع النفايات، وتوفير مستلزمات النظافة، والصرف الصحي. هذا التراجع في الخدمات انعكس بشدة على أوضاع النازحين، مثلما هو الحال في مخيم “طيبة سرمدا” بريف إدلب شمال غرب سوريا، حيث وصَف مدير المخيم الوضع هناك بـ”المأساوي”.
- “تؤكد التقارير الصادرة عن منظمات إنسانية أن تدهور الخدمات الصحية في مخيمات شمال سوريا يشكل تهديداً وجودياً لحياة آلاف المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن. فغياب المياه النظيفة والصرف الصحي، وانتشار الأمراض المعدية، وتلوث البيئة، كلها عوامل تساهم في تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة. إن هذا الوضع يمثل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، ويستدعي تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي لتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة، وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
أوضح مدير المخيم، عبد الله السلوم، في حديث مع “وسائل اعلام” أن المخيم محروم من خدمات الصرف الصحي منذ أكثر من سبعة أشهر، مما أدى إلى تفشي الأمراض مثل الجرب والقمل والقراد، مع تسجيل إصابات بمرض الجدري. وأكد السلوم أن صيانة الكرفانات باتت شبه مستحيلة، مشيرًا إلى أن الأمطار التي هطلت مؤخرًا تسببت بغرق الكرفانات القديمة التي تجاوز عمرها 12 عامًا. كما ازدادت المشكلة سوءًا مع انتشار القمامة وتجمع الكلاب حولها، في ظل تفاقم الفقر، وتراجع المساعدات، وغياب الخدمات الأساسية. ولفت السلوم إلى أن المخيم يضم أكثر من 120 عائلة أرامل، ويأوي حاليًا 280 عائلة من ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي.
-
تآكل البنية التحتية واستحالة العيش في الكرفانات
أشار السلوم إلى أن الأوضاع تزداد سوءًا بمرور الوقت، مع تدهور الكرفانات وتآكل الطبقة العازلة فيها، مما سمح بتسلل الحشرات والصراصير التي يصعب التخلص منها. وعبّر عن حاجة السكان الملحة للانتقال إلى مساكن أكثر ملاءمة، مثل الشقق السكنية، حيث يفتقر المخيم للخصوصية ومتطلبات الحياة الأساسية.
-
مأساة متكررة في مخيمات الشمال السوري
لا يقتصر التدهور في خدمات الإصحاح على مخيم “طيبة سرمدا”، إذ يعاني نازحو مخيم “الأرامل” في منطقة “مشهد روحين” من المشكلات ذاتها. وقد أعربت راوية المحمود، إحدى المقيمات في المخيم، عن استيائها من تراكم النفايات، مشيرةً إلى أن هذه المشكلة تؤثر سلبًا على الصحة النفسية والجسدية. كما انتقدت غياب الاهتمام الجاد من قبل السلطات والمنظمات الإنسانية لإيجاد حلول مثل إزالة النفايات أو إطلاق حملات توعوية.
-
آثار انعدام خدمات الإصحاح على الصحة والسلامة
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن تحسين خدمات الإصحاح يسهم في حفظ كرامة وأمان الأفراد، وخصوصًا النساء، ويدعم فرص التعليم. إلا أن مخيمات الشمال السوري تعاني من انعدام البنية التحتية للصرف الصحي وغياب الوسائل الملائمة للتخلص الآمن من النفايات، مما يهدد صحة السكان بشكل مباشر.
-
معاناة من انتشار النفايات ونقص وسائل التدفئة
وعن تأثير هذه الأوضاع الصحية على حياة النازحين، أشار المسن أحمد الرحال، المقيم في مخيمات “قاح” شمال إدلب، إلى أن انتشار النفايات حول المخيم خلق بيئة مثالية لتكاثر الحشرات، مما تسبب بانتشار أمراض في الأمعاء والتهابات جلدية، إلى جانب الروائح الكريهة والغازات الضارة الناتجة عن تكدس النفايات. وأكد الرحال أن هذه الظروف تهدد سلامتهم بشكل مستمر، مطالبًا بوضع حلول عاجلة لهذه المشكلة المتفاقمة.
-
إحصائيات صادمة لأوضاع المخيمات في الشمال السوري
وفقًا لتقرير فريق “منسقو استجابة سوريا”، يعاني 66% من سكان مخيمات الشمال السوري من مشاكل الصرف الصحي المكشوف، فيما تفتقر أكثر من 716 مخيمًا لخدمات ترحيل النفايات، وتخلو 53% من المخيمات من مياه شرب آمنة، مما يعمق الأزمة الإنسانية ويزيد من معاناة آلاف النازحين في هذه المخيمات المتهالكة.