مع اتساع نطاق التمرد الذي تقوم به مجموعة فاغنر داخل الأراضي الروسية، تتجه الأنظار إلى سورية، حيث تعتمد القوات الروسية الموجودة فيها على “فاغنر” لتأدية الكثير من المهام، أبرزها حماية حقول النفط ومناجم الفوسفات، في قلب البادية السورية خاصة.
وحتى اللحظة، لم تظهر أي بوادر تمرد من قبل هذه المجموعة في سورية، بيد أن المعطيات والوقائع تشير إلى أنه من الصعوبة بمكان قيام هذه المجموعة بتمرد يبدّل معطيات على الأرض، لافتقارها إلى القدرة العسكرية الكافية.
لـ”فاغنر”، بحسب مدير مركز “الشرق نيوز” فراس علاوي، العديد من المهام في سورية، موضحاً في حديث مع “العربي الجديد” أنها “تحمي حقول النفط والغاز والفوسفات الموجودة في تدمر، في قلب البادية السورية، لصالح شركات روسية”، مضيفا: “لها حضور في محافظة دير الزور، شرقي سورية، لحماية بعض آبار البترول”.
وبيّن أن المجموعة توجد داخل قاعدة حميميم الروسية المركزية في الساحل السوري، والتي تعد مركز القيادة والتوجيه لمجمل القوات الروسية في الأراضي السورية. مشيراً إلى أن “فاغنر في النهاية شركة أمنية تسليحها متوسط وخفيف ولا تملك أسلحة ثقيلة”.
وبرأيه، فإن إمكانية تمرد هذه المجموعة في سورية “موجودة”، مستدركا: “لكن يجب ألا ننسى أن قوات النظام والمليشيات المحلية والإيرانية موجودة”.
إلى ذلك، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، السبت، أن هناك “أكثر من 3000 سوري مجندين تحت إمرة قوات فاغنر داخل وخارج سورية”.
وتنتشر القوات الروسية في العديد من المناطق السورية، وخاصة في الساحل السوري، غربي البلاد، وفي منطقة القامشلي في أقصى الشمال الشرقي من سورية، وفي ريف حلب الشمالي، ومواقع أخرى.
من جانبه، يستبعد المحلل العسكري العميد مصطفى فرحات، في حديث مع “العربي الجديد”، حدوث تمرد من مجموعة فاغنر في سورية، مضيفا: “يفغيني بريغوجين (قائد فاغنر) لم يصرح أنه ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.. ليس من مصلحة بريغوجين الدخول بمواجهات مع كل القوات الروسية في العالم، ومن ثم استبعد انتقال التمرد إلى الأراضي السورية على الأقل في المدى المنظور، وخاصة أن مجموعة فاغنر لا تملك عدداً كبيراً من المسلحين في سورية”.
وأضاف: “إن الجيش الروسي يملك إمكانيات كبيرة لا يمكن لمجموعة فاغنر مواجهتها داخل الأراضي الروسية.. أعتقد أن بوتين قادر على سحق هذا التمرد، ولن يسمح بحلول جزئية لأنها تضعف هيبة الدولة الروسية وهيبة بوتين شخصياً”.
وبحسب فرحات، فإن “الطرفين حُشرا في الزاوية ولم يعد هناك مجال للتراجع، كانت مجموعة فاغنر مكسباً للجانب الروسي للتهرب من التبعات القانونية باعتبارها قوات غير نظامية، بعد زجها في العديد من الصراعات، في سورية وليبيا ودول أخرى، أما اليوم فباتت عبئا بعد تمردها الواسع”.
بدأ ظهور فاغنر في سورية أواخر سبتمبر/أيلول في عام 2015، مع التدخل العسكري الروسي المباشر إلى جانب النظام، إذ اعتمد الجيش الروسي على مسلحي هذه المجموعة لتنفيذ مهام على الأرض، وخاصة في الحرب ضد فصائل المعارضة السورية وتنظيم “داعش”، للتقليل من الخسائر ضمن القوات الروسية النظامية.
وفي فبراير/شباط من عام 2018، قتل عدد غير معروف من هذه المجموعة بقصف من الطيران الأميركي، حين حاولت السيطرة على حقل كونيكو للغاز في ريف دير الزور شمال نهر الفرات.
وأكدت “رويترز” في حينه أن نحو 300 شخص يعملون لصالح شركة عسكرية روسية خاصة مرتبطة بالكرملين قتلوا أو أصيبوا في سورية، خلال معركة وقعت في السابع من فبراير/شباط من عام 2018 قرب مدينة دير الزور.
اعترف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد عدة أيام من الحدث بسقوط عدد من مواطني روسيا وجمهوريات سوفييتية سابقة في قصف للتحالف الدولي في منطقة دير الزور.
وارتكبت فاغنر العديد من الجرائم داخل الأراضي السورية، أبرزها تلك التي جرت في حقل الشاعر للغاز بريف حمص الشرقي في البادية السورية في يونيو/حزيران 2017، وكانت صحيفة ” نوفايا غازيتا” قد نشرت في عام 2019 تحقيقاً كشفت فيه تفاصيل الجريمة.
وقالت الصحيفة إن ستة مقاتلين من “فاغنر” قبضوا على المواطن السوري حمادي الطه البوطة (الاسم الحقيقي حسب مصادر أهلية سورية محمد طه إسماعيل العبد الله)، وعذبوه وقتلوه بطريقة وحشية في يونيو 2017. ووثّق القتلة جريمتهم في مقاطع فيديو، انتشرت على الإنترنت، ظهر فيها عناصر “فاغنر” وهم يكسرون عظام الضحية، ولاحقاً قاموا بقطع رأسه، وحرق الجثة وتعليق الرأس على بوابة.