– BBC News عربي
سعى دبلوماسيون أمريكيون وروس ومن الأمم المتحدة طيلة شهور من أجل انعقاد المؤتمر
انطلق المؤتمر الدولي المنعقد في سويسرا من أجل إنهاء الصراع في سوريا.
طيلة شهور سعى دبلوماسيون أمريكيون وروس ومن الأمم المتحدة لإقناع الطرفين المتصارعين في سوريا لحضور ذلك المؤتمر الذي أطلق عليه اسم “جنيف 2”.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون “أنه ذنب لا يغتفر إذا لم تستغل هذه الفرصة”، لوضع نهاية لهذا الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 100 ألف شخص، وشرد نحو تسعة ملايين و500 ألف شخص عن منازلهم.
لماذا يعقد مؤتمر سلام في الوقت الراهن؟
في مايو/ أيار من العام الماضي اتفق وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف على العمل من أجل “جمع الطرفين المتصارعين في سوريا على طاولة الحوار” لوقف النزاع الدموي.
كانت جنيف محطة لمفاوضات أسفرت عن بيان جنيف 1
وقال كيري إن البديل هو “اقتراب سوريا أكثر من حافة الهاوية والفوضى”. وبالرغم من ذلك فإن المحاولات الأولى لترتيب المؤتمر باءت بالفشل.
واكتسبت مبادرة كيري ولافروف زخما أكبر بعد هجوم بالأسلحة الكيميائية شنته القوات النظامية السورية علي بلدة في ريف دمشق في الحادي والعشرين من أغسطس/ أب من العام الماضي وأسفر عن مقتل مئات الأشخاص.
وفي السابع والعشرين من سبتمبر/ أيلول تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 2118 والذي طالب بتدمير أو التخلص من الترسانة السورية من الأسلحة الكيميائية بحلول منتصف العام الجاري 2014.
كما دعا القرار إلى “عقد مؤتمر دولي في أقرب وقت ممكن لتطبيق بيان جنيف 1 حول سوريا” وطالب كافة الأطراف السورية بالمشاركة بشكل جاد وبناء والالتزام بتحقيق المصالحة والاستقرار.
لكن ما هو بيان جنيف 1؟
أسفر الاقتتال في سوريا عن مصرع أكثر من مئة ألف شخص
صدر بيان جنيف1 في في الثلاثين من يونيو/ حزيران عام 2012 عقب اجتماع عقد في مدينة جنيف السويسرية لدول مجموعة العمل الدولي حول سوريا.
وأعلن البيان أن أي تسوية سياسية للأزمة السورية يجب أن تتضمن مرحلة انتقالية من خصائصها:
توفير مستقبل يمكن أن يشارك فيه كافة السوريين.
تحديد خطوات واضحة وفق جدول زمني حاسم باتجاه تحقيق ذلك المستقبل.
أن تكون هذه التسوية قابلة للتحقق في مناخ من الأمن والهدوء والاستقرار للجميع.
أن يتم التوصل لهذه المرحلة الانتقالية بسرعة دون مزيد من إراقة الدماء والعنف.
وحدد البيان الخطوات الرئيسية في المرحلة الانتقالية وهي:
تأسيس هيئة حكم انتقالي بسلطات تنفيذية كاملة تتضمن أعضاء من الحكومة السورية والمعارضة ويتم تشكيلها على أساس القبول المتبادل من الطرفين.
مشاركة جميع عناصر وأطياف المجتمع السوري في عملية حوار وطني هادف.
مراجعة النظام الدستوري والقانوني في سوريا.
إجراء انتخابات حرة ونزيهة وتعددية لشغل المؤسسات والمناصب الجديدة التي يتم تأسيسها.
تمثيل كامل للمرأة في كافة جوانب المرحلة الانتقالية.
هل تشارك الحكومة السورية في المؤتمر؟
تصر الحكومة السورية على أن رحيل الأسد عن السلطة غير مطروح للتفاوض
أعلنت الحكومة السورية في 27 من نوفمبر الماضي أنها ستشارك في المؤتمر لكنها أضافت أن وفدها لن يقوم “بتسليم السلطة لأي طرف”.
وقال بيان لوزارة الخارجية السورية إن الرئيس بشار الأسد سيرسل ممثليه إلى جنيف “لتحقيق مطالب الشعب السوري وأولها القضاء على الإرهاب” وذلك في إشارة إلى المعارضة.
وانتقدت الوزارة موقف بريطانيا وفرنسا لإعلانهم أن الأسد ليس له دور في مستقبل سوريا، وهو موقف الائتلاف الوطني الذي يمثل التيار الرئيسي للمعارضة السورية.
وقبل ثلاثة أيام من المؤتمر قال الرئيس بشار الأسد في مقابلة إن هناك احتمالا كبيرا لترشحه لفترة رئاسية ثالثة في الانتخابات المقرر إجراؤها في يونيو/ حزيران القادم. واستبعد الأسد فكرة تقاسم السلطة مع المعارضة، داعيا مؤتمر جنيف 2 إلى التركيز على” حربه ضد الإرهاب”.
هل تشارك المعارضة؟
اشترطت المعارضة استبعاد إيران لكي تشارك في المؤتمر
رفض الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية المشاركة في جنيف 2 دون ضمانات بأن الأسد سيتخلى عن السلطة، لكن الضغوط من حلفاءه الغربيين والعرب جعلته يوافق على المشاركة في 18 من يناير / كانون الأول الجاري.
وقاطع نحو ثلث أعضاء الائتلاف الذي يبلغ عدد أعضاؤه 119 شخصا التصويت الذي جرى في اسطنبول حول حضور المؤتمر، بينما صوت أقل من نصف عدد الأعضاء لصالح المشاركة.
وقال العديد ممن قاطعوا التصويت أنهم فعلوا ذلك لاعتقادهم بأن نشطاء المعارضة والمقاتلين داخل سوريا يرفضون مؤتمر جنيف 2 ويرفضون تفويض الائتلاف بالمشاركة.
من جانبه قال رئيس الائتلاف أحمد الجربا إن الائتلاف لم يساوم على أهدافه. وأضاف عقب تصويت الائتلاف لصالح المشاركة: “طاولة المفاوضات بالنسبة لنا هي طريق ذو اتجاه واحد لتلبية مطالب الشعب السوري وأولها تنحية القاتل عن السلطة. أنا أؤكد لكم أننا لسنا قليلون أو ضعفاء إنما معنا كل شعوب العالم الحرة.”
كان المجلس الوطني السوري وهو من أكبر كتل المعارضة السورية قد أعلن انسحابه من ائتلاف المعارضة رفضا للمشاركة في المؤتمر، معتبرا أن المشاركة تمثل تراجعا عن تعهده بعدم الدخول في حوار قبل رحيل الأسد عن السلطة.
كما رفضت “لجنة التنسيق الوطنية” وهي من قوى المعارضة في الداخل المشاركة، بينما أعلنت القوى الكردية رغبتها في إرسال وفد للمشاركة في جنيف على أن لا يكون جزءا من وفد الائتلاف المعارض.
أما عن القوى الميدانية على الأرض، فقد أعلن رئيس المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر في 26 من نوفمبر/ تشرين ثاني رفضه المشاركة لأنه لم يتم الإعلان صراحة أن المؤتمر سيفضي إلى تنحي الأسد عن السلطة.
من جانبها حذرت الجبهة الإسلامية، وهي تحالف قوي من الجماعات الاسلامية المقاتلة من أنها ستعتبر المشاركة في جنيف بمثابة “خيانة”.
ماذا عن إيران؟
وجهت، على غير المتوقع، دعوة إيران من جانب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 19 من يناير/ كانون الأول للمشاركة في المؤتمر. وأعرب كي مون عن اعتقاده بأن إيران يجب أن تكون جزءا من الحل في سوريا.
معظم الفصائل الرئيسية المقاتلة على الأرض ترفض جنيف 2
لكن بمجرد أن أعلنت إيران قبولها للدعوة وتعهدت بلعب دور “إيجابي وبناء”، أعلن الائتلاف السوري المعارض تعليق مشاركته في المؤتمر مشترطا استبعاد إيران لكي يعود عن قراره.
أما الولايات المتحدة فقد اعتبرت أن دعوة كي مون إلى إيران مشروطة بإعلان الأخيرة موافقتها الصريحة على تطبيق بيان جنيف 1، مشيرة إلى أن إيران ترسل مقاتلين لدعم قوات الأسد على الأرض كما تدعم حزب الله الشيعي اللبناني الذي يقوم بالمهمة ذاتها.
وبعد يوم من توجيه الدعوة سحب كي مون دعوته بعد إعلان إيران رفضها الموافقة على بيان جنيف 1 وخاصة مطالبته بتشكيل حكومة انتقالية في سوريا.
هل ستنجح المحادثات؟
وصفت الولايات المتحدة المؤتمر بأنه “أفضل فرصة للمعارضة السورية لكي تحقق أهداف الشعب السوري وثورته”، بالرغم من أن تحقيق تقدم ملموس أمر غاية في الصعوبة.
ويرجع ذلك إلى أن الطرفين الرئيسيين لديهما أهداف متناقضة تماما، فالحكومة السورية أكدت مرارا أن مسألة رحيل الأسد عن السلطة ليست محلا للتفاوض، بينما يؤكد ائتلاف المعارضة أنه لا يجب أن يكون للأسد أي دور في هيئة الحكم الانتقالي التي نص عليها بيان جنيف 1.
وقبل أيام من انعقاد جنيف 2، قال وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر: “لا تتوقعوا شيئا من جنيف 2، فلن يحل جنيف 2 أو جنيف 3 أو 4 الأزمة السورية. الحل بدأ وسيستمر عبر الانتصار العسكري للدولة”.
وحتى في حال التوصل إلى أي نوع من التسوية السياسية فسيكون من المستحيل تقريبا تطبيقها على الأرض، إذا أخذنا في الاعتبار أن معظم الفصائل الرئيسية المقاتلة على الأرض غير راضية عن مؤتمر جنيف 2.