تمكنت الأطراف التي شاركت في الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف بشأن الأزمة السورية -بعد محادثات وصفت بالصعبة- من التوصل إلى اتفاق على جدول أعمال يتكون من أربع “سلال”، تشمل بند مكافحة الإرهاب الذي طالب به وفد النظام السوري. في المقابل أكدت المعارضة السورية أنها المرة الأولى التي يناقش فيها مستقبل الانتقال السياسي في البلاد بشكل معمق.
وبدأت الجولة الرابعة من المفاوضات برعاية الأمم المتحدة يوم 23 فبراير/شباط 2017 في مقر المنظمة الأممية بمدينة جنيف السويسرية، وانتهت يوم 3 مارس/آذار 2017، وحضرها وفدا النظام والمعارضة السوريين.
وجاءت جنيف 4 عقب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا أواخر ديسمبر/كانون الأول 2016، وجولتين من المفاوضات بين النظام والمعارضة المسلحة في أستانا برعاية روسيا وتركيا بصفتهما ضامنتين.
وتحدث المبعوث الدولي إلى سوريا ستفان دي ميستورا في مؤتمر صحفي عن محادثات مكثفة في جنيف واجهتها صعوبات، لكنه أشار إلى أنه تم تحقيق بعض التقدم مقارنة بالجولات السابقة، مما دفعه للتفكير بدعوة وفدي النظام والمعارضة لجولة جديدة من المفاوضات.
وبحسب رئيس وفد المعارضة السورية نصر الحريري، فإنها المرة الأولى التي يناقَش فيها مستقبل الانتقال السياسي في سوريا بشكل معمق، رغم عودة الوفد دون نتائج ملموسة من الجولة الرابعة.
وتتمثل السلال الأربع التي كشف عنها دي ميستورا في المؤتمر الختامي لجنيف 4 فيما يأتي:
– السلة الأولى: القضايا الخاصة بإنشاء حكم غير طائفي يضم الجميع، مع الأمل في الاتفاق على ذلك خلال ستة أشهر.
– السلة الثانية: القضايا المتعلقة بوضع جدول زمني لمسودة دستور جديد، مع الأمل في أن تتحقق في ستة أشهر.
– السلة الثالثة: كل ما يتعلق بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد وضع دستور، وذلك خلال 18 شهرا، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتشمل السوريين خارج بلادهم.
– السلة الرابعة: إستراتيجية مكافحة الإرهاب والحوكمة الأمنية، وبناء إجراءات للثقة المتوسطة الأمد.
الانتقال السياسي
وهدفت مفاوضات جنيف -بحسب المبعوث الدولي- إلى تنفيذ القرار الدولي 2254 الذي يحدد عملية انتقال سياسي تتضمن صياغة دستور جديد لسوريا، وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، ونظام حكم يتسم بالشفافية ويخضع للمساءلة.
وقال دي ميستورا إنه يتوقع أن تمضي الأطراف المتفاوضة في وضع اتفاق إطاري يفضي إلى تنفيذ القرار الدولي المذكور.
وظل وفد النظام السوري في كل مرة يتمسك بإدراج بند محاربة الإرهاب في جدول الأعمال، دون الخوض في جوهر العملية السياسية، مستفيدا من موقف داعميه روسيا وإيران، في حين تصرّ المعارضة على أن يكون الانتقال السياسي في صدارة الأولويات.
وبحسب رئيس وفد المعارضة السورية نصر الحريري، فإن المعارضة ركزت على مسألة الانتقال السياسي لكونه “أهم أهداف وطموحات الشعب السوري الذي بذل من أجله ثمنا غاليا ونفيسا”، و”هو المفتاح الذي يمكن أن يوصلنا إلى سوريا آمنة ومستقرة، وهو الطريق الوحيد الذي يمكن من خلاله مكافحة الإرهاب في سوريا والمنطقة”.
وأكد الحريري في تصريحات سابقة أن النظام وافق على بحث الانتقال السياسي بضغط روسي، مع العلم أن وفد الهيئة العليا للمفاوضات التقى على هامش مفاوضات جنيف غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي، حيث طالب الوفد روسيا بفرض قبول العملية السياسية على النظام.
وقال يحيى قضماني نائب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة، إن لقاء غاتيلوف كان صريحا، وإنهم وضعوا الروس أمام مسؤولياتهم بشأن عدة قضايا، أهمها دعمهم لمؤتمر جنيف، وتأكيدهم على عملية الانتقال السياسي.
وفي ما يتعلق بمصير الرئيس السوري بشار الأسد الذي كان دائما نقطة خلاف بين الأطراف السورية، قالت عضو وفد الهيئة العليا للمفاوضات إلى جنيف بسمة قضماني لوكالة الصحافة الفرنسية إن المرحلة الانتقالية “تعني انتقال السلطات إلى هيئة الحكم الانتقالي، وفي تلك اللحظة ليس هناك دور لبشار الأسد”.
يشار إلى أن الثورة السورية انطلقت من احتجاجات شعبية عفوية سلمية في مناطق سورية عام 2011، تطالب بالحرية والكرامة ووضع حد للقمع والفساد والدكتاتورية، وسرعان ما عمت معظم مناطق البلاد.
وقمع نظام الرئيس بشار الأسد بالسلاح المظاهرات السلمية، فسقط مئات الآلاف من الضحايا، وتشرد الملايين نزوحا في الداخل السوري ولجوءا في مختلف بقاع العالم، وتحولت سوريا إلى أزمة دولية وساحة للصراع بين القوى الإقليمية والدولية.
Al Jazeera