مع حلول 15 آذار/ مارس 2023، يكون قد مضى على اندلاع الثورة السورية 13 عاماً استطاعت فيها الصمود أمام محاولات النظام الحثيثة لإنهائها والعودة بالبلاد إلى ما قبل عام 2011.
لم تكن الثورة لتصمد في مواجهة القوّة المفرطة للنظام وحلفائه لولا شبكات الحماية المحلية التي شكّلت مورداً مالياً وعسكرياً ضد عنف السلطة وأجهزتها، التي تراجعت الثقة بها لأدنى مستوى مما أضعف قدرة المؤسستين العسكرية والأمنية على الحسم، ولا يُمكن إغفال دور التدخّل الخارجي المبكّر الذي ساهم في تقليص حجم فارق التسليح بين النظام والمعارضة منذ منتصف 2012.
لكنّ الصمود لا يكفي لتحقيق أهداف الثورة؛ فلا يوجد ما يضمن عدم تكرار نموذج الجنوب السوري في الشمال، لا سيما وأنّ روسيا تعمل منذ عام 2018 على تقليص مساحة انتشار القوات التركية بعد تعديل اتفاق أضنة (1998). كذلك، فإنّ الدعم السياسي والإنساني الغربي يتراجع شيئاً فشيئاً عن مناطق المعارضة نتيجة ضغوط روسيا الدبلوماسية. عدا أنّ هذه المناطق ليس لديها الكثير من الموارد الطبيعية التي يُمكن التعويل عليها لمواجهة الأزمات أو الكوارث وهي بحاجة في معظم الأحيان لغيرها.
والصمود لا يُمكن أن يستمر دون تعزيز للمقومات الذاتية ووضع استراتيجية ورؤية تُمكّن الثورة من تحقيق هدفها عبر إسقاط النظام. غير أنّ الاكتفاء بموقف الدفاع قد يُحوّل الصمود إلى عزلة لا سيما وأنّ روسيا تعمل لفرضها على الثورة منذ سقوط مدينة حلب نهاية عام 2016، عدا أنّها لا تألو جهداً في فك العزلة الدولية عن النظام.
إنّ الثورة السورية رغم التراجع الكبير الذي تعرّضت له ما تزال تمتلك أسباب الاستمرار والانتصار، لكن ذلك يحتاج إلى إعادة إنتاج القوى السياسية والخطاب السوري وتشكيل جبهة عمل وطنية تضع رؤية استراتيجية وخططاً تنفيذية خلال الأعوام القادمة بعد الاستفادة من الظروف الدولية لضمان استمرار عزلة وتفكيك شبكات المصالح التي تحيط بالنظام ومن ثم محاسبته على كل الجرائم التي اقترفها بحق السوريين.