دمشق – عاد ملف محاسبة النظام السوري على جرائم الحرب المتهم بارتكابها في سوريا إلى الظهور، بعد تطورات سياسية أحاطت بالملف السوري عموماً، خصوصاً بعد عمليات التقارب والتطبيع الأخيرة بين النظام ودول عربية، ولو بشروط، والاعتقاد بإمكانية عودته للحظيرة الدولية بعد ذلك.
مذكرة التوقيف الفرنسية: سابقة تاريخية
وتمثل مذكرة التوقيف الفرنسية سابقة تاريخية، باعتبارها أول مذكرة توقيف تصدر عن محكمة وطنية بحق رئيس دولة على رأس عمله، وهي خطوة مهمة في مسار العدالة السورية، وتعكس عزم المجتمع الدولي على محاسبة النظام على جرائمه.
خلفية تاريخية
في عام 2011، اندلع الصراع السوري الذي أودى بحياة أكثر من 500 ألف شخص، وتسبب في نزوح أكثر من 12 مليون شخص. وخلال هذا الصراع، ارتكب النظام السوري جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري.
مذكرة التوقيف الفرنسية
أصدرت محكمة الاستئناف في باريس، في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، مذكرة توقيف بحق بشار الأسد وشقيقه ماهر، واثنين من كبار مسؤولي النظام، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية عام 2013.
وجاء هذا القرار بناء على تحقيق أجرته الوحدة المتخصصة في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التابعة للمحكمة القضائية في باريس، حول الهجومين بالأسلحة الكيميائية في أغسطس/آب 2013، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص.
أهمية مذكرة التوقيف الفرنسية
تمثل مذكرة التوقيف الفرنسية سابقة تاريخية، باعتبارها أول مذكرة توقيف تصدر عن محكمة وطنية بحق رئيس دولة على رأس عمله. كما أنها خطوة مهمة في مسار العدالة السورية، وتعكس عزم المجتمع الدولي على محاسبة النظام على جرائمه.
وتأتي هذه المذكرة بعد سلسلة من الإجراءات القانونية التي اتخذها المجتمع الدولي ضد النظام السوري، بما في ذلك إصدار مجلس الأمن الدولي قرارات عدة، والتحقيقات التي أجرتها المحكمة الجنائية الدولية.
تدابير مؤقتة من العدل الدولية
وفي سياق متصل، أصدرت محكمة العدل الدولية، أول من أمس الخميس، أمراً للنظام السوري باتخاذ إجراءات لوقف التعذيب في سجونه، في إطار تدابير طارئة في قضية رفعتها هولندا وكندا على دمشق في المحكمة.
وقالت “العدل الدولية” في قرارها، إن النظام السوري “يجب أن يتخذ كل التدابير لمنع أعمال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو القصاص، القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”.
ويأتي هذا القرار بعد أن تقدمت هولندا وكندا بدعوى أمام المحكمة ضد النظام السوري، متهمة إياه بانتهاك اتفاقية مناهضة التعذيب، التي انضمت إليها سوريا عام 2005.
أهمية التدابير المؤقتة من العدل الدولية
تمثل التدابير المؤقتة التي أصدرها محكمة العدل الدولية خطوة ضرورية لوقف الانتهاكات التي يرتكبها النظام السوري في سجونه. كما أنها خطوة مهمة في مسار العدالة السورية، وتعكس عزم المجتمع الدولي على حماية حقوق الإنسان في سوريا.
تحليل: خطوات مهمة في منع الإفلات من العقاب
يعكس الحراك القانوني ضد النظام السوري عزم المجتمع الدولي على محاسبة النظام على جرائمه، ويشكل خطوة مهمة في منع غسل يديه من المجازر التي ارتكبها.
ورغم أن هذه الإجراءات لا تزال في بدايتها، إلا أنها قد تؤدي إلى نتائج مهمة في المستقبل، لا سيما إذا نجحت في إجبار النظام على وقف انتهاكاته والتعاون مع التحقيقات الدولية.
كما أن هذه الإجراءات قد تساهم في الضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات أكثر صرامة ضد النظام، بما في ذلك فرض عقوبات أشد عليه.
خاتمة: الحراك القانوني الدولي قوة مهمة
على الرغم من التقارب السياسي بين النظام وبعض الدول العربية قد عرقل مسار العدالة السورية، إلا أن الحراك القانوني الدولي يمثل قوة مهمة يمكن أن تساعد في حماية حقوق الضحايا وضمان محاسبة النظام على جرائمه